فلما قدمت مدينة السلام بدأت بإسحاق ابن إبراهيم الطاهري ، وكان على بغداد فقال لي : يا يحيى ، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله ، والمتوكل من تعلم ، وإن حَرَّضته على قتله كان رسول الله خصمك ! فقلت : والله ما وقفت له إلا على كل أمر جميل . فصرت الى سامرا ، فبدأتُ بوصيف التركي وكنت من أصحابه فقال : والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بها غيري ! فعجبت من قولهما ، وعرَّفت المتوكل ما وقفت عليه ، وما سمعته من الثناء عليه فأحسن جائزته ، وأظهر بِرَّهُ وتكرمته » .
أقول : في هذا النص دلالات عديدة ، منها شعبية الإمام الواسعة في المدينة ، بحيث ضجَّ أهلها لما جاءت سرية المتوكل لأخذه !
أما إسحاق بن إبراهيم الطاهري فهو منسوبٌ إلى عمه طاهر بن الحسين ، قائد جيش المأمون الذي دخل إلى بغداد وقتل الأمين . وكان إسحاق حاكم بغداد من قبل المتوكل ، ويدل كلامه على أن عامة أهل بغداد كانوا ينظرون الى الإمام الهادي عليهالسلام نظرة تقديس ، فكان يخاف من غضب الناس إذا قتلته السلطة .
وكذلك وصيف التركي ، وهو من كبار قادة الجيش التركي في سامراء ، وكان كفيل المستعين ، الذي صار خليفة . « تاريخ الطبري : ٧ / ٤٣٣ » .
أما قول الإمام الهادي عليهالسلام : نشأتُ بالبادية فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر ، فهو صحيح ، لكنه عن مصدر واحد لعلمه بالمطر عليهالسلام ، ومصادر علمه أوسع .