النهج ، الأمر الّذي سنأتي علىٰ ذكره بالتفصيل بعد قليل.
أمّا الكتاب الّذي بعثه الامام عليهالسلام إلىٰ معاوية ، والمشار إليه سابقاً ، فقد تحدّث فيه الإمام عليهالسلام وفق قاعدة الإلزام ، وهي القاعدة الّتي تستعمل في مقام الاحتجاج علىٰ الخصوم وإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم من قبل ..
بمعنىٰ : إن كان معاوية يرىٰ صحّة خلافة الّذين سبقوا الإمام عليهالسلام وأنّ المسلمين قد بايعوهم ، فما يكون لمعاوية بعد هذا إلاّ الانصياع للأمر الّذي ألزم به نفسه ويبايع للإمام عليهالسلام ; لأنّه قد بايع الإمام عليهالسلام القوم الّذين بايعوا السابقين عليه ، وإلاّ فيكون ممّن اتّبع هواه فتردّىٰ ، الأمر الّذي أشار إليه الإمام عليهالسلام في نهاية رسالته إليه : ولعمري يا معاوية ! لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان ، ولتعلمنّ أنّي كنت في عزلة عنه إلاّ أن تتجنّى ; فتجنَّ ما بدا لك (١) !
وكلامه عليهالسلام هنا إنّما جرىٰ وفق مقتضىٰ الحال ، وحسب القواعد البلاغية الّتي تلزم الإتيان للمنكِر بكلّ الوسائل الممكنة للإثبات ، وقاعدة الإلزام هنا هي إحدىٰ الوسائل النافعة في المقام ، بل وجدنا مَن يذكر هذا الإلزام الّذي أشرنا إليه هنا ، بصريح العبارة عنه عليهالسلام ..
قال الخوارزمي الحنفي في كتابه المناقب : ومن كتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قبل نهضته إلىٰ صفين ، إلىٰ معاوية ; لأخذ الحجّة عليه : أمّا بعد .. فإنّه لزمتك بيعتي بالمدينة وأنت بالشام ; لأنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان علىٰ ما بايعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يردّ ... إلىٰ قوله : ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لَتجدني أبرأ قريش من دم عثمان ، واعلم إنّك من الطلقاء الّذين
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ٧.