وممّا يؤاخذ أيضاً علىٰ الكاتب ، في كتيبه هذا ، والّذي يقول عنه في بداية مقدّمته :
« هذه جمل مختارة من جواهر كلام سيّدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه ، انتقيتها من كتاب نهج البلاغة ، دعاني إلىٰ اختيارها وأغراني بانتقائها أنّ هذه الكلمات المباركات تصحّح كثيراً من الأوهام الفاسدة والمفاهيم الباطلة الّتي تنسب إلىٰ سيّدنا عليّ نفسه بوصفها مسلّمات لا تخطر مناقشتها علىٰ بال ، ولا يدور شكّ في صحّتها علىٰ خيال ; لكثرة ما تردّدت علىٰ الأسماع ولُقّنَت في الأذهان.
وكنت أقرأ القرآن الكريم ، وأقف عند آياته المحكمات ودلائله البيّنات ، فأجد مصادمة واضحة بين تعاليمه وما يدعو إليه وبين تلك المفاهيم فتأخذني الدهشة ، ويعتريني الريب لهذا الّذي أقرأ وذلك الّذي لُقّنْت.
ثمّ شاءت الأقدار أن أطّلع علىٰ كتاب نهج البلاغة * وإذا بي أجد فيه كثيراً من النصوص الهادية والكلمات المبصرة توافق القرآن ، وتصحّح ما علق بالأذهان ، فهششت لها وسعدت بها برهة من الزمن كنت فيها أعرض هذه النصوص والكلمات علىٰ بعض أحبابي وإخواني ممّن عانوا ما عانيت وارتابوا ممّا ارتبت فيأخذهم العجب ، وكان بعضهم لا يطمئن حتّىٰ يمسك بالكتاب نفسه ليتأكّد ممّا سمع ، ثمّ بعد لحظات أراه يهزّ رأسه ثمّ تنفرج أساريره لتظهر علىٰ قسمات وجهه ابتسامة الرضا وعلامة اليقين وقد هدأت نفسه وقرّت عينه ، فأحمد الله علىٰ ذلك.
__________________
* ينبغي علىٰ كلّ طالب لعلوم العربية ومباحث التوحيد والعدل الإلٰهي ومباحث الإمامة ومختلف العلوم الدينية الأُخرىٰ ، بل وغير الدينية ، أن لا يفوته الاطّلاع علىٰ هذا السِفر الخالد ، ومع ذلك يقول الدليمي هنا : شاءت الأقدار أن أطّلع !!