علىٰ المسلمين باختلاقه لهم كلّ تلك الطرق الملتوية والخطوط المتشعّبة ، حتّىٰ يصعب عليهم الوصول منها إلىٰ الحقّ ، إلاّ بعد البحث والتنقيب الشاقّين.
هذا كلّه مع أنّه لم يصحّ في فضائل معاوية شيء ، ولم تثبت في حقّه منقبة ; قال الشوكاني في كتابه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة : وقال الحاكم : سمعت أبا العبّاس محمّد بن يعقوب بن يوسف يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : لا يصحّ في فضائل معاوية حديث (١).
أمّا ابن الجوزي فبعد أن أورد الأحاديث الواردة في معاوية في باب الموضوعات ، ساق عن إسحاق بن راهويه ـ شيخ البخاري ـ قوله : لم يصحّ
__________________
الحسين عليهالسلام ، ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم كلّ قتلة ، وأخذهم بكلّ ضنّة وتهمة ، حتّىٰ أنّ الرجل ليقال له : زنديق ، أو : كافر ، أحبّ إليه من أن يقال : شيعة عليّ. انتهىٰ.
وروى أبو الحسن عليّ بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث ، قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلىٰ عمّاله بعد عام الجماعة أن : برئت الذمّة ممّن روىٰ شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ..
فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلىٰ كلّ منبر يلعنون عليّاً ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشدّ الناس بلاءً حينئذ : أهل الكوفة ; لكثرة مَن بها من شيعة عليّ عليهالسلام ..
فاستعمل عليهم زياد بن سمية ، وضمّ إليه البصرة ، وكان يتتبّع الشيعة وهو عارف بهم ; لأنّه كان منهم أيّام عليّ عليهالسلام ، فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر وأخافهم ، وقطّع الأيدي والأرجل ، وسمّل العيون ، وصلبهم علىٰ جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبقَ بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلىٰ عمّاله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة عليّ وأهل بيته شهادة ... إلىٰ آخره.
راجع : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١١ / ٤٣.
(١) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة : ٤٢٣.