قتلاً ، ويموت منهم موتاً ... » ، فإنّ الّذي يعرف كيفية موت الناس ما بينه وبين القيامة ، يعرف كيفية موته وموعده ؛ لأنّه واحد من هؤلاء الناس قطعاً .. ( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ـ من عباده ـ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (١).
وجاء في نهج البلاغة أيضاً قوله عليهالسلام : « أيّها الناس ! سلوني قبل أن تفقدوني ; فلأنا بطرق السماء أعلم منّي بطرق الأرض ، قبل أن تشغر برجلها فتنة تطأ في خطامها (٢) ، وتذهب بأحلام قومها ».
قال الشيخ محمّد عبده في شرحه : أمّا قوله عليهالسلام : « فلأنا بطرق السماء أعلم منّي ... الخ » ، فالقصد به : أنّه في العلوم الملكوتية والمعارف الإلهية أوسع إحاطة منه بالعلوم الصناعية ، وفي تلك مزية العقول العالية ، والنفوس الرفيعة ، وبها ينال الرشد ويستضيء الفكر (٣).
قال ابن حجر في فتح الباري : عن أبي الطفيل ، قال : شهدت عليّاً وهو يخطب ، وهو يقول : « سلوني ! فو الله لا تسألوني عن شيء يكون إلىٰ يوم القيامة إلاّ حدّثتكم به ، وسلوني عن كتاب الله ! فو الله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل أُنزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل ».
فقال ابن الكوّاء ، وأنا بينه وبين عليّ وهو خلفي ، فقال : ما الذاريات ذرواً ؟ فذكر مثله وقال فيه : « ويلك ! سلْ تفقّهاً ولا تسأل تعنّتاً » (٤).
__________________
(١) سورة الجمعة : الآية ٤.
(٢) شغر برجله : رفعها ; والجملة كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها.
وتطأ في خطامها : أي تتعثّر فيه ؛ كناية عن إرسالها وطيشها وعدم وجود قائد لها.
(٣) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ١٣٠.
(٤) فتح الباري ٨ / ٤٥٩
؛ وانظر : تفسير القرآن ـ للصنعاني ـ ٣/٢٤١ ، تفسير الطبري