فأقول :
إنّ أكثر ما استأثر باهتمام الكتّاب والمحقّقين في العصور الإسلامية السالفة والحاضرة الوقوف علىٰ كتب أعطت للتاريخ حقيقة واقعية أصلها القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة ... ومن تلك الكتب والآثار التاريخية : كتاب نهج البلاغة ..
فقد نال هذا الكتاب من الأهميّة والشأن بما لم يحظَ به كتاب غيره علىٰ مرّ العصور ، وأصبح له من الشروح ما بلغ (٧٥) شرحاً في حساب بعض المؤلّفين (١) ، و (١٠١) من الشروح في حساب مؤلّف آخر (٢).
وليس غريباً أن يكون للـ « نهج » كلّ هذه الأهمّية وهذا الشأن ؛ فقد كان الإمام عليّ « إمام الفصحاء وسيّد البلغاء ، وفي كلامه قيل : دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين ، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة » ، كما يروي عزّ الدين ابن أبي الحديد (٣).
__________________
(١) الغدير ٤ / ١٦٤ ـ ١٦٩.
(٢) مصادر « نهج البلاغة » وأسانيده ١ / ٢٤٨ ـ ٣١٣.
ومن الطريف أن تجد مثل الدكتور شفيع السيّد ـ من كتّاب مصر ـ الّذي يذكر في مجلّة « الهلال » العدد ١٢ ، السنة ٨٣ ، ص ٩٦ : إنّ معظم شرّاح نهج البلاغة من الشيعة ... ثمّ يسمّي عدداً من هؤلاء الشرّاح وكان أغلبهم من غير الشيعة !! راجع : « نهج البلاغة .. لمَن ؟ » : ١٥.
(٣) عزّ الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن محمّد بن الحسين : من أعيان المعتزلة ، ولد في المدائن سنة ٥٨٦ هـ ، وانتقل إلىٰ بغداد.
أديب كاتب شاعر ، شارك في بعض العلوم ، عمل في الدواوين السلطانية وبرع في الإنشاء ، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي ، توفّي في بغداد سنة ٦٥٥ هـ.
له آثار قيّمة ، منها : شرح
نهج البلاغة ، الّذي جمعه الشريف الرضي ، ديوان