سألت فاسأل الله » (١).
وللإحاطة بموضوعي الشفاعة والتوسّل ، بل وبما يورده الوهّابيّون وأتباعهم من إشكالات في قضايا التوحيد ، ومعنى العبادة (٢) ، وزيارة القبور وبنائها ، وغيرها ، أنصح الدليمي ـ وغيره ـ بالعودة إلىٰ كتابنا حقيقة الوهّابية بجزأيه الأوّل والثاني ؛ فإنّ فيه التفصيل لكلّ دليل إن شاء الله تعالى.
وأمّا قوله عليهالسلام الوارد في وصيّته لابنه الحسن عليهالسلام : « ولم يلجئك إلىٰ من يشفع لك إليه » (٣) ، فهو لا يدلّ علىٰ نفي الشفاعة أو حرمتها ، كيف ؟! وقد ثبتت بالأدلّة القاطعة من الكتاب والسُنّة !!
وإنّما كان عليهالسلام بصدد بيان أنّ الله عزّ وجلّ لم يجبر الإنسان علىٰ فعل المعاصي الّتي تضطرّه إلىٰ طلب شفاعة الشافعين ؛ لأنّ اللجوء إلىٰ طلب الشفاعة لا يكون إلاّ بعد اجتراء المعاصي الّتي تحصل بفعل الإنسان واختياره ، لِما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : « إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي » (٤).
__________________
(١) المقالات السنية : ٢٣٩.
(٢) من الأُمور الّتي اشتبهت علىٰ الوهّابيّين وأتباعهم أنّهم يحسبون كلّ نداء عبادة ؛ فلو قال القائل مثلاً : يا عليّ ! اسأل الله أن يغفر لي ، قالوا : ذلك عبادة لعليّ عليهالسلام.
والحال أنّ العبادة معنىٰ مركّب من جزءين يتحقّق بتحقّقهما وينتفي بانتفائهما ، أو بانتفاء أحدهما ، وهما : الاعتقاد بالإلوهية + الخضوع القلبي ; فمَن كان معتقداً بالإلوهية دون الخضوع القلبي ـ كإبليس مثلاً ـ لا يُسمّىٰ عابداً ، ومَن كان خاضعاً بقلبه لأحد ما ، كخضوعه للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو الإمام ، أو الأب ، دون الاعتقاد بإلوهيّته لا يسمّىٰ عابداً أيضاً.
(٣) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ٤٧.
(٤) كتاب السُنّة : ٣٨٥ ؛ قال الألباني ـ محقّق الكتاب ـ : الحديث صحيح ، ورجاله ثقات رجال البخاري غير الفضل بن عبد الوهّاب ؛ فلم أعرفه ، لكن الحديث صحيح بما بعده من الطرق. انتهىٰ.