بغير علم فيتبوّأ بذلك مقعده من النار ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديثه المعروف ، الّذي رواه أحمد في مسنده ١ / ٢٣٣ : « مَن قال بالقرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار ».
ورُبّ عائد لم يحط بعلوم القرآن كلّها ، ولم يعرف متشابه القرآن من محكمه ، أو خاصّه من عامّه ، أو مطلقه من مقيّده ، أو ناسخه من منسوخه ، ومع ذلك تصدّىٰ لبيان الأحكام منه ، ويحسب أنّه علىٰ هدىً من أمره ، وربّما تبعه علىٰ ذلك قوم فتنوا بقوله فعملوا به ، فكانت عودة مثل هذا عودة ناقصة قاصرة لا تُبرئ ذمّته ولا ذمّة أتباعه بمثل هذا الأخذ الناقص المقتصر عن كتاب الله ! قال تعالىٰ : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) (١).
وقال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في نهج البلاغة : « ترد علىٰ أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترد تلك القضية بعينها علىٰ غيره فيحكم فيها بخلافه ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الّذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعاً ، وإلٰههم واحد ، وكتابهم واحد ، ونبيّهم واحد ..
أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه ، أم نهاهم عنه فعصوه ؟!
أم أنزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم علىٰ إتمامه ؟!
أم كانوا شركاء له ; فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضىٰ ؟!
أم أنزل الله سبحانه ديناً تامّاً فقصّر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تبليغه وأدائه ؟!
__________________
(١) سورة الكهف : الآيتان ١٠٣ و ١٠٤.