والتدبّر والتفكّر لهم ، وقد منّ عليهم بإرسال الأنبياء وإنزال الكتب وتسخير العلماء لتعليمهم وتهذيبهم ؟!
ومع هذا قال سبحانه وتعالىٰ بحقّ عباده هؤلاء : ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَرِهُونَ ) (١) ، وقال : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) (٢) ، وقال عزّ اسمه : ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٣) ...
إلىٰ غيرها من الآيات الدالّة علىٰ تخلّف العباد عن مراد المولىٰ سبحانه وعدم استقامتهم لما ندبهم للسير عليه ; فهل يكون الطعن فيهم طعن في الخالق سبحانه ، مع أنّه سبحانه ـ وهذا ثابت بدلالة العقل والنقل ـ لم يقصّر مع عباده قيد أُنملة ؟
إنّ هذا في الواقع تهافت من التفكير ، وإلغاء للحجّة مع تمام المحجّة ; إذ لا تلازم بين الاثنين كما ترىٰ ، فهل يشكّ أحد ـ مثلاً ـ في إخلاص نبيّ الله نوح عليهالسلام ـ وهو شيخ الأنبياء ـ في إعداده وتربيته لابنه ، ومع هذا قد حصل الانحراف من الابن ، بل بان هذا الانحراف واشتهر حتّىٰ صرّح المولىٰ سبحانه بحقّه : ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٤).
فادّعاء الملازمة بأنّ الطعن في التلميذ يستلزم الطعن في المعلّم هذا الأمر لا وجه له ، بل ترد عليه اشكالات لا مخرج منها ، كما تقدّم.
وبعد هذا فلينظر الكاتب إلىٰ أقوال النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم في أصحابه ، ممّا رواه أهل السُنّة في كتبهم ..
__________________
(١) سورة المؤمنون : الآية ٧٠.
(٢) سورة يوسف : الآية ١٠٦.
(٣) سورة سبأ : الآية ١٣.
(٤) سورة هود : الآية ٤٦.