قوله : [ لا تسمع دعواه ] ولا بيّنته ، لأنّها مكذّبة لدعواه ، وسماع البيّنة فرع سماع الدعوى .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ بيّنته لم تكذّب دعواه ثانيا ، بل كذّب الدعوى الّذي رجع عنه وأكذبه وأظهر أنّه كان كاذبا فيه وأبطله بالمرّة ، بل الأوّل ما كان دعوى بل محض الإنكار ، والدعوى هو الثاني ليس إلّا.
وعموم ما دلّ على قبول شهادة العدلين شامل لما نحن فيه ، وليس هاهنا تهمة وتحقّق ريبة ، لأنّ العبرة بقول الشاهدين ، ولم يفهمهما إلّا دعواه لا على إنكاره ، مع أنّ الإنكار لا يثبت بالبيّنة ، وليس شأنه الإثبات. اللهم إلّا أن يكون إجماع على عدم قبول مثل هذه الشهادة ، ولم ينقل إجماع ، سيّما إذا أظهر عذرا لإنكاره أوّلا ، فتأمّل! وربّما يحصل الظنّ القوي غاية القوّة أنّ الأمر كذلك ، بل ربّما يحصل العلم ، فتأمّل!
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٦١٠.