هناك استحقاقه مع عدم إتيانه بالعمل وعدم ردّه العبد وعدم تسليمه (١) ، فكيف يقول في المقام ما يقول؟! فتأمّل!
قوله : إذ الأصل عدم التبرّع وعدم وقوع الضالّة بيد العامل حتّى يعلم ، ومعلوم بعد الجعل لا قبله .. إلى آخره (٢).
لا يخفى أنّ التبرّع لا يحصل بأمر حادث زائد عن الفعل ، بل يكفي عدم قصد الأجرة ، فكيف يصير الأصل عدم التبرّع مع أنّه لا تفاوت بينه وبين عدم التبرّع؟ إلّا أن يكون مراده من الأصل معنى آخر ، أي الظاهر أو القاعدة.
والأوّل لا يعارض الأصل ، والثاني يتوقّف ثبوته على دليل ، فإنّ كون الأصل أن يكون المنفعة المستوفاة عوض ولا يكون مجّانا يحتاج إلى دليل ظاهر يعارض أصالة عدم شغل الذمّة ، فتأمّل.
وأمّا أصالة عدم وقوع الضالّة بيده قبل العلم ، فلعلّه المراد منها أصل تأخّر الحادث ، فإنّ وقت العلم مضبوط معيّن لا يتمشّى فيه أصل التأخّر ، بخلاف الوقوع بيده إلّا أنّ معارضتها لأصالة عدم اشتغال الذمّة أصلا ورأسا ، وبعدمه عليها محلّ نظر ، بل ربّما كان الأصل الأوّل (٣) أقوى ، فتأمّل! وممّا ذكر ظهر ما في قوله : ( إلّا أنّ التعريف .. إلى آخره ) (٤).
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ١٥٤.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ١٦٠.
(٣) في ب ، ج : ( أصل الأوّل ).
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ١٦٠.