منه في ماله وإن كان ماله يسوى آلاف تومان وصبغه لا يسوى إلّا فلسا ودونه.
ومع ذلك يقولون : لو التمس الغاصب بأن يأخذ منه قيمة صبغه حتّى يتمكّن من التصرّف في ملكه لا يجب على الغاصب قبول التماسه ، فله أن يدع ملك المغصوب منه هكذا معلّقا إلى يوم القيامة ـ لا يمكن للمغصوب منه أن يقرب إليه إلى يوم القيامة ـ ويكون ممنوعا من التصرّف فيه أصلا ورأسا.
وأعجب من هذا أنّه لو كان يقول له : بع صبغك من رجل غيري ، يجب على الغاصب إجابته ، وأمّا لو قال : بعنيه ، فلا يجب ، وهذا حكم عجيب بالنظر إلى الأدلّة ، وتفريق غريب بالقياس إلى العلّة ، كما أنّ الأحكام السابقة أيضا كانت كذلك.
فإن قلت : إذا تصرّف في المصبوغ كان مستلزما لتصرّفه في الصبغ ، وهو ملك الغاصب لا يجوز التصرّف فيه بغير إذن الغاصب ، ولا يظلم إذا ظلم ، وليس الأحكام السابقة تصرّفا في ملك الغاصب ، بل استفراغ ملك المغصوب منه وإن تضرّر الغاصب بضرر عظيم وتلف مال كثير منه ، لأنّه ظالم ، و « ليس لعرق ظالم حقّ » (١) ، وهو مضارّ ، وقد أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقلع شجر من هو مضارّ (٢) ، مع أنّه كان ملكه وحقّه ، ولم يكن غاصبا ، وأيضا « لا ضرر في الدين » (٣) ، وأيضا الغاصب أقدم على أن لا يكون لماله حقّ وحرمة ، لأنّه يعلم أنّ المالك متسلّط على ماله والتصرّف فيه كيف شاء ، فيكون له تخليص ماله وإن كان بالتخليص يتلف مال الغاصب إلى حدّ لا يحصيه إلّا الله ، فليس بين كلامهم تدافع أصلا.
قلت : مرادي من التدافع ، التدافع بالنظر إلى الأدلّة ومأخذ الحكم.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٥٧ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ١٥٧ الحديث ٢٤٣٦٣.
(٢) لاحظ! الكافي : ٥ ـ ٢٩٢ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٤٢٨ الحديث ٣٢٢٨١.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٢ الأحاديث ٢٣٠٧٣ ـ ٢٣٠٧٥.