المتبادر ، فكيف يمكن جعلها من الأفراد المتبادرة بعد ما عرفت؟! مضافا إلى قوله تعالى ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) (١) ، فكيف يجوز أن يصير مجرّد رضا الجارية متلفا لحقّ المولى ، مع أنّ الظاهر من الرواية (٢) أنّ عدم المهر للبغيّ بسبب زناها وتقصيرها؟! وأيضا قال تعالى ( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) (٣) ، وجعلوا الفقهاء هذا مناطا لأحكام ، فكيف تقدر على إذهاب حقّ المولى؟! وبالجملة ، هذا الحكم أيضا من جملة الأحكام المتدافعة في هذا الكتاب ، على ما أفهم ، والله يعلم.
قوله : وحينئذ ، الظاهر أنّ له أرش بكارتها ، لأنّه نقص له عوض ، فيجب على المتلف عوضها ، وهو ظاهر ، وليس بسبب الوطء (٤) ، لو كانت زائلة عنده لكان ذلك لازما عليه ، لما مرّ في سبب حملها بالتحريم (٥).
فيه ما فيه ، لأنّ البغيّ لا أرش لبكارتها ، فلو كانت الجارية داخلة في الحديث يلزم أن يكون حكمها حكم البغيّ من حيث أنّها بغيّ ، فما ذكره أيضا قرينة واضحة على عدم دخولها في هذا الحديث ، وإلّا لكان اللازم أن يقول : إلّا أرش البكارة إذا كانت ، فإنّ تأخير هذا الحكم في هذا المقام لا يناسب الحكيم.
وما دلّ على أنّه يجب على المتلف عوض ما أتلفه ـ إذا كان له عوض ـ يشمل مهر الوطء أيضا ، والمراد من المهر المنفي هو مهر المثل ، ومهر الباكرة غير
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ١٥.
(٢) أي : رواية عدم المهر للبغيّ.
(٣) النحل ١٦ : ٧٥.
(٤) كذا ، وفي المصدر : ( وليس سبب الوطء ).
(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٥٤٩.