وأمّا الإجماع فغير ظاهر ، وحكاية ابن إدريس (١) لا يخلو عن وهن ، مع تفرّده بنقله ، وذهاب كثير من الأصحاب إلى خلافه.
قال المحقق في المعتبر (٢) بعد ذكر كلامه : ولم نقف على رواية بهذا الحكم سوى تلك الرواية ورواية مرسلة ذكرها الكليني عن بعض أصحابنا ، عن ابن جمهور.
وهذه مرسلة وابن جمهور ضعيف جدا ذكر ذلك النجاشي في كتاب الرجال ، فأين الإجماع وأين الاخبار المعتمدة؟! ونحن نطالبه بما ادّعاه ، وأفرط في دعواه.
وفي مرسلة أبي يحيى الواسطي تصريح بطهارته ، وظاهر الفقيه العمل بها ، فيكون حاكما بصحّتها.
وقد ظهر بما قرّرنا حجة القول بالطهارة وعدم المنع من الاستعمال مع عدم العلم بالنجاسة ، فإنّ القاعدة الشرعيّة المحكمة المأخوذة من الاستصحاب وأصالة عدم وجوب الاجتناب والعمومات توقّف الحكم بالنجاسة على العلم بها ، وهو قضية مرسلة أبي يحيى الواسطي المشار إليها ، وهي وإن كانت ضعيفة إلّا أنّها مؤيّدة بذكرها في الفقيه وحكم الصدوق بصحتها بالأصل المذكور.
ويدلّ عليه أيضا ظاهر الإطلاق في الصحيحة الآتية ، ولا يحسب ماء الحمّام.
وهذا هو الأظهر في النظر ، فتكون المذكور من الروايات محمولا على الكراهة إن قلنا بكون المقصود من التعليل كونه مظنّة لورود تلك النجاسات ، وإن حمل على صورة العلم بذلك فهي محمولة على ظواهرها حسب ما عرفت.
وحينئذ فيكتفي في ثبوت الكراهة بالخروج عن خلاف الجماعة وما حكي من الإجماع عليه ودلالة الروايات المعتبرة عليه ، والظاهر أنّه لا شكّ في المرجوحيّة بل لا بد من مراعاة الاحتياط في المسألة.
__________________
(١) زيادة في ( د ) : « له ».
(٢) المعتبر ١ / ٩٢.