الثالث : وها هنا من حيث الدلالة والمضمون فإن حاصل الأخبار الثلاثة كونه من الخطابيّة الغلاة ، وكلّ ما ذكر فيه يرجع إليها حتى تركه الصلاة الذي هو من سيرة الخطابية كغير الصلاة من الفرائض ، كما أوضحنا ذلك في الفائدة الثانية في شرح حال كتاب دعائم الإسلام (١) ، وأنّهم يبيحون جميع المحارم إلى غير ذلك من المناكير ، والذي ظهر لنا من حاله عدم دخوله في الخطابيّة في وقت ، وضعف ما قيل أنه دخل ثمّ رجع وذلك لوجوه :
أ ـ ما رواه الكشي في ترجمة هشام بن سالم : عن جعفر بن محمّد ، قال : حدثني الحسن بن علي بن النعمان ، قال : حدثني أبو يحيى ، عن هشام بن سالم ، قال : كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله عليهالسلام أنا ومؤمن الطاق أبو جعفر ، قال : والناس مجتمعون على أنّ عبد الله صاحب الأمر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون عند عبد الله ، وذلك لأنّهم رووا عن أبي عبد الله عليهالسلام : أن الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة ، فدخلنا نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه ، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟
قال : في مائتين خمسة ، قلنا : ففي مائة؟ قال : در همان ونصف درهم ، قال : قلنا له : والله ما تقول المرجئة هذا (٢) ، قال : فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجّه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنا في بعض أزقّة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى من نقصد ، وإلى من نتوجّه ، نقول : إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟!.
قال : فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إليّ بيده ، فخفت
__________________
(١) تقدم في الجزء الأول صحيفة : ١٢٨.
(٢) كذا في الأصل ، وفي رجال الكشي تتمة للخبر هي : فرفع يديه إلى السماء فقال : لا والله ما أدري ما تقول المرجئة.