الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهلهم ما لم يعرفوا حدّ ما حدّ لهم ، ولكان المقصر والمتعدي حدود الله معذورا ، ولكن جعلها حدودا محدودة لا يتعداها إلاّ مشرك كافر ، ثم قال : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (١).
فأخبرك حقائق أن الله تبارك وتعالى اختار الإسلام لنفسه دينا ، ورضى من خلقه فلم يقبل من أحد إلاّ به ، وبه بعث أنبياءه ورسله ، ثم قال : (وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (٢) فعليه وبه بعث أنبياءه ورسله ونبيّه محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فأضلّ الذين لم يعرفوا معرفة الرسل وولايتهم وطاعتهم ، هو الحلال المحلّل ما أحلّوا ، والمحرم ما حرّموا ، وهم أصله ومنهم الفروع الحلال وذلك سعيهم ، ومن فروعهم أمرهم الحلال وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت والعمرة ، وتعظيم حرمات الله وشعائره ومشاعره ، وتعظيم البيت الحرام والمسجد الحرام والشهر الحرام ، والطهور والاغتسال من الجنابة ، ومكارم الأخلاق ومحاسنها وجميع البر.
ثم ذكر بعد ذلك فقال في كتابه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٣). فعدوهم (٤) المحرّم وأولياؤهم الدخول في أمرهم إلى يوم القيامة ، فهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والخمر والميسر والزنا والربا والدم ولحم الخنزير ، فهم الحرام المحرّم ، وأصل كل حرام ، وهم الشرّ وأصل كلّ شرّ ، ومنهم فروع الشر كلّه ، ومن تلك (٥) الفروع الحرام واستحلالهم إيّاها ، ومن فروعهم تكذيب
__________________
(١) البقرة ٢ / ٢٢٩.
(٢) الاسراء ١٧ / ١٠٥.
(٣) النحل : ١٦ / ٩٠.
(٤) كذا في الأصل ، وفي المصدر : فعددهم.
(٥) كذا في الأصل ، وفي المصدر : ومن ذلك ، والظاهر صحته لان الكلام مرتبط بما تقدم وليس تفريعا لاحقا.