وذكرت أنّه بلغك أنّهم يترادفون المرأة الواحدة ، ويشهدون بعضهم لبعض بالزور ، ويزعمون أن لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه ، فالظاهر ما يتناسمون (١) عنه يأخذون به مدافعة عنهم ، والباطن هو الذي يطلبون وبه أمروا بزعمهم.
كتبت تذكر الذي زعم عظيم من ذلك عليك حين بلغك.
وكتبت تسألني عن قولهم في ذلك : إحلال هو أم حرام؟
وكتبت تسألني عن تفسير ذلك ، وأن أبيّنه حتى لا تكون من ذلك في عمى و [لا] (٢) شبهة.
وقد كتبت إليك في كتابي هذا تفسير ما سألت عنه ، فاحفظه كلّه ، كما قال الله في كتابه : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣) وأصفه لك بحلاله ، وأنفي عنك حرامه إن شاء الله. كما وصفت ، ومعرفكه حتى تعرفه إن شاء الله ، فلا تنكره إن شاء الله ، ولا قوّة إلاّ بالله ، والقوّة لله جميعا.
أخبرك : أنه من كان يدين بهذه الصفة التي كتبت تسألني عنها فهو عندي مشرك بالله تعالى ، بيّن الشرك لا شكّ فيه.
وأخبرك : أن هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله ، ولم يعطوا فهم ذلك ، ولم يعرفوا حدّ ما سمعوا ، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم ومنتهى عقولهم ، ولم يضعوها على حدود ما أمروا كذبا وافتراء على الله ورسوله ، وجرأة على المعاصي ، فكفى بهذا لهم جهلا ، ولو أنّهم وضعوها على حدودها التي حدّت لهم وقبلوها لم يكن به بأس ، ولكنّهم حرّفوها وتعدّوا وكذبوا وتهاونوا بأمر الله وطاعته.
ولكنّي أخبرك أن الله حدّها بحدودها ، لئلا يتعدّى حدوده أحد ، ولو كان
__________________
(١) يتناسمون عنه : أي يتناقلون عنه.
(٢) ما أثبتناه بين المعقوفتين من المصدر.
(٣) الحاقة ٦٩ / ١٢.