كتبت تذكر أنّ قوما أنا أعرفهم كان أعجبك نحوهم وشأنهم ، وأنّك أبلغت فيهم أمورا تروى عنهم كرهتها لهم ، ولم تر لهم إلاّ طريقا حسنا ، وورعا وتخشّعا ، وبلغك أنّهم يزعمون أن الدين إنّما هو معرفة الرجال ، ثم بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل ما شئت.
وذكرت أنك [قد] (١) عرفت أن أصل الدين معرفة الرجال ، فوفّقك الله.
وذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون : أن الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج والعمرة والمسجد الحرام والبيت الحرام والمشعر الحرام والشهر الحرام هو رجل.
وأن الطهر والاغتسال من الجنابة هو رجل.
وكلّ فريضة افترضها الله على عباده هو رجل.
وأنهم ذكروا ذلك بزعمهم أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه به من غير عمل ، وقد صلّى وأتى الزكاة وصام وحجّ واعتمر واغتسل من الجنابة وتطهّر وعظّم حرمات الله والشهر الحرام والمسجد الحرام.
وأنّهم ذكروا من عرف هذا بعينه وجسده (٢) وثبت في قلبه جاز له أن يتهاون ، فليس له أن يجتهد في العمل ، وزعموا أنّهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها وإن هم لم يعملوا بها.
وأنّه بلغك أنّهم يزعمون أن الفواحش التي نهى الله تعالى عنها : الخمر والميسر والربا والميتة ولحم الخنزير هو رجل.
وذكروا أن ما حرّم الله من نكاح الأمهات والبنات والعمّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ، وما حرّم على المؤمنين من النساء ، فما حرّم الله إنّما عنى بذلك نكاح نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وما سوى ذلك مباح كلّه.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
(٢) في الأصل : وسجدة ، وفي المصدر : وتجده ، والظاهر أن الأنسب هو ما أثبتناه.