متيل (١) ـ وهو وجه من وجوه أصحابنا ـ وعلي بن بابويه (٢) ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد (٣) ، وأحمد ابن إسحاق (٤) ، وهؤلاء وجوه الطائفة وعيونهم في هذه الطبقة ، كيف يحتمل فيهم الاجتماع على الرواية والتلقي من غير الثقة؟! وفيهم من كان يتحرّز عن كثير من الثقات لما توهّمه من الطعن الذي لو صدق لم يكن منافيا للوثاقة ، مع أنّ أكثرهم من أهل قم ، وشدّة انحرافهم عن يونس بن عبد الرحمن أمر معلوم ، وإبراهيم كان تلميذ يونس المقتضي للتجنب عنه ، والأخذ عنه مع ذلك ينبئ عن كونه في أعلى درجة الوثاقة ، ومن ذلك يظهر وجه الأمر الرابع.
د ـ وهو قولهم في حقّه : وأصحابنا يقولون : إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم (٥) ، فان النشر كما صرّح به الأستاذ الأكبر لا يتحقق إلاّ بالقبول ، وإنّ انتشاره عندهم من حيث العمل والاعتماد لا من حيث النقل (٦).
وقال السيّد الأجلّ بحر العلوم في وجه تقريب دلالته على التوثيق : تلقي القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول ، إلاّ أنّ العمدة فيه ملاحظة أحوال القميين ، وطريقتهم في الجرح والتعديل ، وتضييقهم أمر العدالة ، وتسرعهم إلى القدح والجرح والهجر والإخراج بأدنى ريبة كما يظهر من استثنائهم كثيرا من رجال نوادر الحكمة ، وطعنهم في يونس بن عبد الرحمن مع جلالته وعظم منزلته ، وإبعادهم لأحمد بن محمّد بن خالد من قم لروايته عن المجاهيل واعتماده على المراسيل ، وغير ذلك ممّا يعلم بتتبع الرجال.
__________________
(١) فهرست الشيخ : ١٢١ / ٥٣٦.
(٢) وردت رواية علي بن بابويه عنه بالواسطة ، انظر : الفقيه ٤ : ١١٨ ، من المشيخة.
(٣) وردت رواية محمد بن الحسن بن الوليد عنه كذلك بالواسطة ، انظر الفقيه ٤ : ١٠٨ ، من المشيخة.
(٤) انظر هداية المحدثين : ١٢.
(٥) رجال النجاشي : ١٦ / ١٨ وفهرست الشيخ : ٤ / ٦.
(٦) تعليقة البهبهاني : ٢٩.