.................................................................................................
______________________________________________________
واعتبر حينئذٍ تعيين كونه من رمضان.
ولكن الظاهر عدم الفرق بين القسمين :
أمّا في القسم الأوّل : فلا ينبغي الإشكال في الصحّة ، فإنّ الملتفت إلى أنّه لا يصحّ منه أيّ صوم إلّا رمضان وقد قصد طبيعي الصوم وتقرّب بذلك ، فلا جرم يكون هذا منه إشارة إجمالية ونيّة ارتكازيّة إلى صوم رمضان بطبيعة الحال.
ولو تنازلنا عن هذا البيان وفرضنا عدم استقامته ، أمكن تصحيح الصوم المزبور بوجهٍ آخر يظهر منه الحال في القسم الثاني أيضاً بمناطٍ واحد ، وهو أنّه لم يظهر من شيء من الأدلة لا الكتاب ولا السنة أخذ عنوان شهر رمضان في صحّة صومه حتّى يلزم قصده ، بل اللازم تعلّق القصد بنفس الصوم مع العلم بأنّ غداً من رمضان كما هو ظاهر قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (١) أي من علم بالشهر يصوم ذلك الشهر ، بحيث يكون الشهر ظرفاً للصوم لا قيداً مأخوذاً في العنوان ليلزم تعلّق القصد به.
نعم ، يُعتبَر أن لا يقصد عنواناً آخر من العناوين المضادة لرمضان كالكفّارة أو النيابة أو القضاء ونحو ذلك ممّا لا ينطبق عليه ، وأمّا إذا لم يقصد شيئاً منها وقصد طبيعي الصوم غداً القابل للانطباق على رمضان فلم يدلّ أيّ دليل على عدم الاجتزاء به ، فالقيد المعتبر عدمي لا وجودي ، أي يعتبر أن لا يؤخذ عنوانٌ آخر لا أن يؤخذ عنوان رمضان ، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل من الشاكّ أو المعتقد بالخلاف ، فمتى قصد الطبيعي ولم يقيّده بعنوانٍ آخر صحّ وكان مصداقاً للواجب.
وبعبارةٍ اخرى : الصوم في شهر رمضان كالصوم في سائر الأيّام ، غاية الأمر أنّ الصوم في سائر الأيام بعنوان أنّه صوم مستحبٌّ وهنا واجب ، ولم يؤخذ في
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٥.