وإذا حكم الطبيب بأنّ الصوم مضرّ وعلم المكلّف من نفسه عدم الضرر يصحّ صومه ، وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلّف أو ظنّ كونه مضرّاً وجب عليه تركه ولا يصحّ منه (١).
______________________________________________________
(١) قد عرفت أنّ المستفاد من الآية المباركة والروايات أنّ موضوع الإفطار هو المرض ، ولكن لا من حيث هو ، بل بما أنّه مضرّ ، فالعبرة في الحقيقة بالضرر ، ولذا تقدّم أنّ النسبة عموم من وجه ، وقد عرفت أنّ طريق إحرازه الخوف ، ولكنّه غير منحصر فيه ، فلو فرضنا ثبوته بطريقٍ آخر من بيّنة أو نحوها ترتّب الحكم ، لعدم دلالة رواية الأرمد على الحصر.
وعليه ، فلو أخبر الطبيب بالضرر وهو حاذق ثقة وجب اتباعه ، لقيام السيرة العقلائية على الرجوع إلى أهل الخبرة من كلّ فن.
فقول الطبيب حجّة وإن لم يحصل الخوف ، كما أنّه لو حصل الخوف الوجداني من قوله وإن لم يكن حاذقاً ترتّب الإفطار ، فكما أنّ الضرر يثبت بالخوف يثبت بقول الطبيب من أهل الخبرة.
نعم ، إذا اطمأنّ بخطئه فضلاً عن العلم الوجداني بالخطإ الذي فرضه في المتن لم يسمع قوله ، فإنّ قوله بما هو ليس بحجّة وإنّما هو طريق إلى الواقع ، فلو علم بخلافه أو اطمأنّ بخطئه فليس له الإفطار.
ولو انعكس الأمر فأخبر بعدم الضرر ، ولكن قام طريق آخر على الضرر وهو خوف المكلّف نفسه فضلاً عن علمه أو ظنّه ، وجب عليه ترك الصوم حينئذٍ ولم يصحّ منه ، لدلالة النصوص المتقدّمة على أنّه مؤتمن عليه مفوضّ إليه وأنّ الإنسان على نفسه بصيرة ، فمع تشخيصه الضرر لا يُصغى إلى قول الطبيب الذي يُطمأنّ بخطئه ، بل يكفي مجرّد الخوف كما عرفت ، لرجوع الأمر إلى المكلّف نفسه.