من غير فرق في المأكول والمشروب (١) بين المعتاد كالخبز والماء ونحوهما وغيره ، كالتراب والحصى وعصارة الأشجار ونحوها ،
______________________________________________________
المتعارف ، فلا مانع من الشرب بطريق الأنف.
وهو كما ترى لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، ولم يُنسَب الخلاف إلى أحدٍ غيره كما سمعت ، وذلك لإطلاقات الأدلّة.
ودعوى الانصراف إلى ما اعتمد على الفم لا يصغي إليها أبداً ، لعدم دخل الفم في صدق الأكل أو الشرب بعد أن كان الدخول في الجوف من طريق الحلق ، ومن هنا لا يحتمل جواز شرب المحرّمات كالخمر أو المائع المتنجّس من طريق الأنف بدعوى انصراف النهي إلى المتعارف وهو الفم ، بل قد يظهر من بعض روايات الاكتحال عدم الفرق ، لتعليل المنع بمظنّة الدخول في الحلق ، وفي بعضها أنّه لا بأس به ما لم يظهر طعمه في الحلق ، فإذا كان الدخول فيه من طريق العين مانعاً ، فمن طريق الأنف الذي هو أقرب بطريقٍ أولى.
وعلى الجملة : لا ينبغي التشكيك في عدم الفرق في صدق الأكل ومفطريّته وكذا الشرب بين ما كان من الطريق المتعارف وغيره ، فلا فرق في ذلك بين الفم والأنف قطعاً.
(١) الجهة الثانية : المعروف والمشهور بل المتسالم عليه ، بل المرتكز في أذهان عامّة المسلمين أنّه لا فرق في المأكول والمشروب بين المعتاد منهما كالخبز والماء وغير المعتاد كالحصى والتراب والطين ومياه الأنوار وعصارة الأشجار ونحو ذلك ممّا لم يكن معداً للأكل الشرب ولم ينسب الخلاف حتّى إلى المخالفين ما عدا اثنين منهم ، وهما الحسن بن صالح وأبو طلحة الأنصاري (١).
__________________
(١) الناصريات : ٢٩٤.