.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ادّعى السيّد (قدس سره) في محكيّ الناصريات الاتفاق عليه بين المسلمين (١) ، وأنّ الخلاف المزبور مسبوقٌ بالإجماع وملحوق به ، ومع ذلك نُسِب الخلاف إلى السيّد نفسه في بعض كتبه وإلى ابن الجنيد ، وأنّهما خصّا المفطر بالمأكول والمشروب العاديّين (٢).
وسواء صحّت النسبة أم لم تصحّ فهذا التخصيص لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، وذلك لإطلاقات الأدلة من الكتاب والسنّة ، فإنّ الوارد فيهما المنع عن الأكل والشرب من غير ذكر للمتعلّق ، ومن المعلوم أنّ حذف المتعلّق يدلّ على العموم.
ودعوى الانصراف إلى العادي منهما عريّة عن كلّ شاهد ، بعد وضوح صدق الأكل والشرب بمفهومهما اللغوي والعرفي على غير العادي كالعادي بمناطٍ واحد ومن غير أية عناية ، فكما يقال : زيد أكل الخبز ، يقال : إنّه أكل الطين أو أكل التراب ، بلا فرق بينهما في صحّة الاستعمال بوجه ، وقد ورد في بعض النصوص النهي عن أكل التراب إلّا التربة الحسينية على مشرّفها آلاف الثناء والتحيّة بمقدار الحمّصة (٣).
وعلى الجملة : فحقيقة الأكل والشرب ليس إلّا إدخال شيء في الجوف من طريق الحلق ، سواء أكان ذلك الشيء من القسم العادي المتعارف المعهود أكله وشربه أم لا ، ولا يختصّ الصدق بالأوّل بالضرورة.
ودعوى الانصراف ساقطة كما عرفت ، ويؤيده ما سيجيء إن شاء الله من
__________________
(١) جواهر الكلام ١٦ : ٢١٨.
(٢) المختلف ٣ : ٢٥٧ ، ٢٥٨.
(٣) الوسائل ١٤ : ٥٢ / أبواب المزار وما يناسبه ب ٧٢.