.................................................................................................
______________________________________________________
لوجوب ذيها ، والمفروض عدم وجوب ذي المقدّمة قبل الوقت ، فلا وجوب لمقدّمته عندئذٍ بطبيعة الحال ، فكيف يمكن أن ينوي الوجوب بفعل المقدّمة قبل الوقت كالغسل في المقام؟! ولهم في التفصّي عن هذا الإشكال السيّال أعني : كيفيّة تصوير وجوب المقدّمة قبل مجيء وقت ذيها وجوه :
منها : الالتزام بالوجوب التعليقي والتفكيك بين زماني الوجوب والواجب وانّ الوقت شرط لنفس الواجب لا لوجوبه ، فالوجوب فعلي ، والواجب استقبالي ، فيجب صوم الغد في المقام من أوّل الليل ، بل من أوّل الشهر كما هو ظاهر قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (١) فإذا كان الوجوب حاليّا وثابتاً قبل مجيء وقت الواجب وبنينا على وجوب المقدّمة شرعاً ، ترشّح الأمر من ذيها إليها لا محالة ، فبعد الالتزام بهاتين الدعويين أعني : الوجوب التعليقي ، ووجوب المقدّمة شرعاً يتّصف الغسل في المقام بالوجوب الشرعي.
ومنها : أنّه وإن أنكرنا الوجوب التعليقي وبنينا على أنّ الوجوب مشروط بالوقت كنفس الواجب فلا وجوب لذي المقدّمة قبل مجيء وقته ، إلّا أنّه لا مانع من التفكيك بين المقدّمة وذيها في الوجوب ، بأن تجب المقدّمة فعلاً من غير أن يجب ذوها إلّا بعد حين ، فبعين الملاك الذي من أجله وجبت المقدّمة أعني : توقّف ذيها عليها يمكن أن يكون وجوبها سابقاً على وجوبه فيما إذا رأى المولى أنّ الدخيل في الواجب إنّما هو المقدّمة السابقة وجوداً على وقته دون اللّاحقة ، وحديث ترشّح وجوب المقدّمة من ذيها المستلزم لتأخّر وجوبها عن وجوبه كلامٌ مشهور لا أساس له من الصحّة ، إذ كيف يُعقَل ترشّح الوجوب
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٥.