.................................................................................................
______________________________________________________
من وجوب ، وأن يكون فعلٌ اختياري معلولاً لفعل اختياري آخر؟! وهل وجوب ذي المقدّمة بنفسه مشرّع كي يكون علّة لوجوب المقدّمة ويكون وجوبها مترشّحاً من وجوبه؟! كلّ ذلك لا يكون ، بل الوجوب الغيري كالوجوب النفسي ، كلّ منهما فعل اختياري لنفس الفاعل أعني : المولى الذي بيده الحكم لا أنّ الأوّل معلول للثاني كي يكون فعلاً لفعل الفاعل ومعلولاً لمعلوله ، بل كلّ منهما بحياله فعلاً مستقلا ، غاية الأمر أنّهما متلازمان في الوجود ، ويكون وجوب أحدهما لأجل الآخر لا بملاكٍ قائمٍ بنفسه.
وعليه ، فإذا كانا فعلين للفاعل من غير ترشّح في البين ولا علّيّة ولا معلوليّة فأي مانع من أن يوجب المولى المقدّمة فعلاً ويوجب ذيها بعد ذلك متأخّراً فيما إذا كان هناك ملاك لتقديم الأوّل كما في المقام كي يتمكّن المكلّف من الإتيان بالواجب في ظرفه؟! فعين ملاك المقدّميّة المستلزم لأصل الوجوب مستلزمٌ لتقديم الوجوب وسبقه على وجوب ذي المقدّمة.
ومنها : ما ذكره شيخنا الأُستاذ (قدس سره) من الالتزام بالوجوب التهيّئي (١) ، حيث إنّه (قدس سره) لمّا أنكر الواجب التعليقي واعترف تبعاً للمشهور بالوجوب الترشّحي المستلزم لامتناع تقدّم وجوب المقدّمة على وجوب ذيها كما عرفت التجأ إلى الالتزام بوجوب المقدّمة في أمثال المقام وجوباً نفسيّاً تهيّؤيّاً متوسّطاً بين الوجوب الغيري والوجوب النفسي الاصطلاحي ، فهو واجبٌ نفساً ، لغاية التحفّظ على واجب آخر في ظرفه والتهيّؤ لامتثاله ، فليس هو بواجب غيري ، لفرض وجوبه قبل وجوب ذي المقدّمة ولا شيء من الواجب الغيري كذلك ولا بواجب نفسي ، لعدم كون مخالفته مستوجباً لعقاب آخر غير العقاب على ترك الواجب الآخر وهو الصوم عن طهارة فيما نحن فيه ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٣٦ ١٤١.