.................................................................................................
______________________________________________________
ولا موافقته مستوجباً للثواب ، بل هو مرحلة بين المرحلتين ، فمن جهة يشبه الواجب الغيري لقيام ملاكه بالغير ، ومن جهة أُخرى يشبه النفسي لعدم توقّفه على واجب آخر ولا ترشحه منه حسبما عرفت ، بل هو نوع وجوب فائدته فائدة الواجب الغيري ، قد انبعث هو والواجب الآخر عن ملاك واحد ، نظير الأوامر الضمنيّة في باب المركّبات. وعليه ، فالغسل في المقام واجب بهذا الوجوب التهيّئي ، فلا مانع من الإتيان به بقصد هذا الوجوب.
ولكن هذه الوجوه الثلاثة المذكورة في المقام كلّها ساقطة.
أمّا الأول : فلأنّا وإن التزمنا في محلّه بإمكان الواجب التعليقي وأنّه لا مانع من التفكيك بين زماني الوجوب والواجب ، وليست الإرادة التشريعيّة على حدّ الإرادة التكوينيّة التي يمتنع فيها تخلّف الإرادة عن المراد كما فصّلنا القول حول ذلك في الأُصول مستقصى (١) ، إلّا أنّ الإتيان بالغسل بنيّة الوجوب الشرعي في المقام مبني على ذلك وعلى الالتزام بوجوب المقدّمة شرعاً كما عرفت.
وقد بيّنّا في الأُصول : أنّ مقدّمة الواجب لا وجوب لها شرعاً وإنّما هي واجبة بالوجوب العقلي المحض من باب اللابدّيّة العقليّة (٢) ، إذ بعد حكومة العقل بذلك وإدراكه لزوم الإتيان بالمقدّمة لتوقّف ذيها عليها وعدم التمكّن من إتيانه بدونها ، فأيّ فائدة بعد هذا للوجوب الشرعي المولوي؟! وهل هذا إلّا من اللغو الظاهر والحكم الجزافي الذي تصان عنه ساحة الحكيم.
ومن ذلك يظهر الجواب عن الوجه الثاني أيضاً ، لتوقّفه على وجوب المقدّمة شرعاً ، وهو ممنوع.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٣٥١ ٣٥٣.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٨.