ولا بين المكره وغيره (١) فلو اكره على الإفطار فأفطر مباشرةً فراراً عن الضرر المترتّب على تركه بطل صومه على الأقوى. نعم ، لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل.
______________________________________________________
بل هو من آثار عدم الإتيان بالمأمور به.
فإذن لا يمكن التمسّك بهاتين الروايتين للقول بأنّ الإتيان جهلاً لا يوجب البطلان ، وإنّما يصحّ الاستدلال بهما لنفي الكفّارة فقط ، كما سيجيء التعرّض لها قريباً إن شاء الله تعالى.
ولأجل ذلك لم يحتمل أحدٌ أنّه إذا تكلم في صلاته جاهلاً بالمبطليّة لم تبطل صلاته ، مع أنّ ذلك هو مقتضى عموم الصحيحة : «أيّ رجل ركب أمراً» إلخ ، فلو تمّ الاستدلال بها في المقام لصحّ في باب الصلاة أيضاً بمناط واحد ، وهو كما ترى لا يتمّ في كلا الموردين ، والسرّ ما عرفت من أنّ الإعادة والقضاء من آثار ترك المأمور به لا من آثار فعل المبطل أو المفطر.
فتحصّل : أنّ الصحيح ما ذكره الماتن من عدم الفرق في البطلان بالإفطار العمدي بين العالم والجاهل ، على أنّ تقييد المفطريّة بالعلم بعيدٌ عن الأذهان العرفيّة في حدّ نفسه كما مرّ.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ المفطريّة والمبطليّة ثابتة لنفس هذا الفعل ، فالأكل مثلاً عن جهل هو المبطل حقيقةً ، ولكن القضاء غير مترتّب عليه ، وانّما هو مترتّب على لازمه ، وهو عدم الإتيان بالمأمور به ، والمرفوع في الروايتين إنّما هو الأثر المترتّب على الفعل لا الترك ، والقضاء من آثار الترك لا الفعل كما عرفت بما لا مزيد عليه.
(١) فلو تناول المفطر باختياره ولكن بغير طيب النفس ، بل لإكراه الغير ودفعاً لضرره وتوعيده ، بطل صومه ، لصدوره عن العمد والاختيار ، فتشمله