.................................................................................................
______________________________________________________
إطلاقات الأدلّة ، فإنّ الاختيار له معنيان : تارةً يُطلَق في مقابل عدم الإرادة ، وأُخرى : في قبال الإكراه ، أي بمعنى الرضا وطيب النفس. وبما أنّ الفعل في المقام صادر عن الإرادة فهو اختياري له بالمعنى الأوّل ، فيكون مصداقاً للعمد المحكوم بالمفطريّة في لسان الأدلّة.
نعم ، التحريم مرفوع في ظرف الإكراه بمقتضى حديث الرفع ، وأمّا المفطريّة فلا يمكن رفعها بالحديث ، ضرورة أنّ الأمر بالصوم قد تعلّق بمجموع التروك من أوّل الفجر إلى الغروب ، وليس كل واحد من هذه التروك متعلّقاً لأمر استقلالي ، بل الجميع تابع للأمر النفسي الوجداني المتعلّق بالمركّب ، إن ثبت ثبت الكلّ وإلّا فلا ، فإنّ الأوامر الضمنيّة متلازمة ثبوتاً وسقوطاً بمقتضى فرض الارتباطيّة الملحوظة بينها ، كما في أجزاء الصلاة وغيرها من سائر العبادات.
فإذا تعلّق الإكراه بواحد من تلك الأجزاء فمعنى رفع الأمر به رفع الأمر النفسي المتعلّق بالمجموع المركّب ، لعدم تمكّنه حينئذٍ من امتثال الأمر بالاجتناب عن مجموع هذه الأُمور ، فإذا سقط ذلك الأمر بحديث الرفع فتعلّق الأمر حينئذٍ بغيره ، بحيث يكون الباقي مأموراً به كي تكون النتيجة سقوط المفطريّة عن خصوص هذا الفعل يحتاج إلى الدليل ، ومن المعلوم أنّ الحديث لا يتكفّل بإثباته ، فإنّ شأنه الرفع لا الوضع ، فهو لا يتكفّل لنفي المفطريّة عن الفعل الصادر عن إكراه لينتج كون الباقي مأموراً به ومجزئاً ، كما هو الحال في الصلاة ، فلو اكره على التكلّم فيها فمعناه أنّه في هذا الآن غير مأمور بالإتيان بالمقيّد بعدم التكلّم ، وأمّا الأمر بالباقي فكلّا.
وأمّا القضاء فإن كان من الأحكام المترتّبة على نفس الفعل أعني : ارتكاب المفطر كالكفّارة فلا مانع من نفيه ، لحديث رفع الإكراه ، ولكنّك عرفت أنّه من آثار ترك المأمور به وعدم الإتيان به في ظرفه الملازم لفعل المفطر ، فلا مجال