ولا يكفي الضعف ، وإن كان مفرطاً ما دام يُتحمّل عادةً (١). نعم ، لو كان ممّا لا يُتحمّل عادةً جاز الإفطار.
______________________________________________________
وأمّا بناءً على المختار من صحّة الترتّب وإمكانه بل لزومه ووقوعه وأنّ تصوّره مساوق لتصديقه حسبما فصّلنا القول حوله في الأُصول وشيّدنا أساسه وبنيانه (١) ، فلا مناص من الحكم بالصحّة بمقتضى القاعدة ، إذ المزاحمة في الحقيقة إنّما هي بين الإطلاقين لا بين ذاتي الخطابين ، فلا مانع من تعلّق الأمر بأحدهما مطلقاً ، وبالآخر على تقدير عصيان الأوّل ومترتّباً عليه ، فالساقط إنّما هو إطلاق الأمر بالمهمّ وهو الصوم ، وأمّا أصله فهو باقٍ على حاله ، إذ المعجز ليس نفس الأمر بالأهمّ ، بل امتثاله.
فعلى ما ذكرناه كان الأولى ذكر هذا في شرائط الوجوب لا في شرائط الصحّة ، فإنّ الوجوب مشروط بعدم المزاحمة بالأهمّ ، وإلّا فهذه المزاحمة لا تستوجب فساد الصوم بعد البناء على الترتّب.
(١) قد يفرض : أنّ الضعف جزئي لا يعتنى به ، وحكمه ظاهر ، وأُخرى : يكون أكثر من ذلك ولكن لا يبلغ حدّ الحرج ، لكونه ممّا يُتحمّل عادةً وإن كان مفرطاً ، وهذا أيضاً لا يضرّ بالصوم ، بمقتضى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنّة بعد أن لم يكن المتّصف به مريضاً حسب الفرض ، وإنّما هو صحيحٌ اعتراه الضعف ، ولم يخرج عن عموم الآية إلّا المريض والمسافر.
وعلى الجملة : مجرّد الضعف لا يستوجب السقوط ولا سيّما مع كثرته في الصائمين ، حيث إنّ الغالب منهم يعتريهم مثل هذا الضعف من جوعٍ أو عطش ،
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ١٠١ ١٠٢.