وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه (١).
______________________________________________________
(١) لعدم الفرق بينه وبين الطعام الخارجي ، غايته أنّه بقي بين الأسنان برهةً من الزمان ، فيصدق الأكل على ابتلاعه ، بعد ما عرفت من عدم الفرق بين القليل والكثير بمقتضى إطلاق الأدلّة ، فإذا ابتلعه متعمّداً بطل صومه.
هذا ، وقد يُتوهّم عدم البطلان ، استناداً إلى ما ورد في صحيح ابن سنان : عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشيء من الطعام ، أيفطر ذلك؟ «قال : لا» قلت : فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه؟ «قال : لا يفطر ذلك» (١). حيث دلّت صريحاً على جواز ازدراد ما يخرج من الداخل إلى فضاء الفم ، فإذا جاز ذلك جاز ابتلاع ما يخرج من بين الأسنان إلى الفم بمناطٍ واحد.
وأنت خبير بأنّ هذا قياسٌ محض مع وجود الفارق ، فإنّا لو عملنا بالصحيحة في موردها فغايته جواز ابتلاع ما يخرج من الداخل ، فيكون حكمه حكم ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس ممّا هو أمر داخلي موجود في الباطن ، فيقال : إنّه لا بأس برجوعه بعد الخروج ، وأين هذا من الطعام الخارجي الذي لم يدخل بعدُ في الجوف وكان باقياً بين الأسنان؟! فالتعدّي عن مورد الصحيحة إلى بلع ما دخل فمه من الخارج قياسٌ واضح ، على أنّ الصحيحة لا عامل بها في موردها على ما قيل ، ولا بدّ من ردّ علمها إلى أهلها.
مع أنّ للمناقشة في دلالتها مجال ، لجواز أن يكون السؤال ناظراً إلى الازدراد أي الابتلاع قهراً ومن غير اختيار كما لعلّه الظاهر ، وإلّا فالابتلاع العمدي الاختياري بعيدٌ جدّاً فإنّ الطبع البشري لا يرغب في ابتلاع ما يخرج
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٨٨ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٩.