ومن أفطر فيه لا مستحلا عالماً عامداً (١)
______________________________________________________
وقد تقدّم في كتاب الطهارة (١) عند البحث عن الكفر والإسلام : أنّ إنكار الضروريّ بمجرّده ومن حيث هو لا يستوجب الكفر ، وإنّما يستوجبه من حيث رجوعه إلى تكذيب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، المؤدّي إلى إنكار الرسالة ، وهو يختصّ بما إذا كان المنكر عالماً بالحكم وبضروريّته ، فلا يحكم بكفر الجاهل بأحدهما ، لكونه جديد العهد بالإسلام ، أو نحوه ممّن ليس له مزيد اطّلاع بالأحكام. وعليه ، فيعتبر في الحكم بالارتداد صدور الإنكار ممّن يعلم بضروريّة الحكم ، وحينئذٍ فإن كان فطرياً يُقتَل ، وإن كان ملّياً يُستتاب ، فإن تاب وإلّا يُقتَل إن كان رجلاً ، أمّا المرأة فلا تُقتَل أصلاً ، بل تُحبَس ويُضيَّق عليها في المأكل والمشرب وتعزَّر عند أوقات الصلاة إلى أن يقضي الله عليها.
(١) هذا في قبال المنكر المستحلّ المتقدّم بيان حكمه آنفاً.
ثمّ إنّ المفطر غير المستحلّ تارةً : يكون معذوراً كالمريض والمسافر ، وأُخرى غير معذور كالفسّاق ، وثالثةً مشتبه الحال.
أمّا الأوّل : فلا إشكال فيه.
وأمّا الأخير الذي هو مردّد بين المعذور وغيره ـ : فلا يجري عليه شيء ، لما هو المعلوم من الشرع من أنّه لا يقام الحدّ بمجرد الاحتمال ، وقد اشتهر أنّ الحدود تُدرأ بالشبهات ، وهذه الجملة وإن لم ترد في شيء من الروايات ما عدا رواية مرسلة ولفظها هكذا : «الحدّ يدرأ بالشبهة» (٢) ، ولكن الحكم متسالمٌ عليه
__________________
(١) راجع شرح العروة ٣ : ٥٤ ٥٥.
(٢) لاحظ الوسائل ٢٨ : ٤٧ / أبواب مقدّمات الحدود ب ٢٤ ح ٤ وص ١٣٠ / أبواب حدّ الزنا ب ٢٧ ح ١١.