.................................................................................................
______________________________________________________
بالتجشّؤ إلى فضاء الفم ممنوع. نعم ، هو خبيث بالإضافة إلى غير هذا الشخص لا بالإضافة إليه نفسه ، كما هو الشأن في كلّ طعام حتّى القسم الراقي منه المرغوب لكلّ أحد ، فإنّه بعد أن أدخله في فمه ومضغه فلو أخرجه بعدئذٍ يتنفّر منه الطبع ، ولكن هو بنفسه لا يتنفّر طبعه منه ما دام باقياً في فمه وإلّا لمات الإنسان جوعاً فحاله حال البصاق الذي هو خبيث ، أي يتنفّر منه الطبع بعد الخروج عن الفم حتّى طبع صاحبه ، وأمّا قبله فليس كذلك بالضرورة.
وأمّا منع الكبرى بعد تسليم الصغرى وأنّه مصداق للخبيث فلأنه لم يدلّ أيّ دليل على حرمة أكل الخبيث ، إلّا ما قيل من دلالة الآية المباركة عليها عليها ، قال تعالى في وصف نبيّه (صلى الله عليه وآله) (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (١).
ولكن من المقطوع به أنّه ليس المراد من الآية المباركة أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يحلّ لهم الطيِّبات أي الأجسام والذوات الطيّبة التي تشتهيها الطباع وترغب فيها وتلتذّ منها ويحرّم الخبائث من الأجسام التي يتنفّر منها الطبع ، فإنّ الآية المباركة بصدد توصيف النبيّ الأُمّي الذي يجدونه في التوراة وبيان كماله ، ولا يعدّ ذلك التحليل ولا هذا التحريم كمالاً له البتّة ، بل المراد والله العالم الأعمال الطيّبة والأعمال الخبيثة كما ورد في آية أُخرى ، وهي قوله تعالى (كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) (٢) فالآية المباركة بصدد بيان أنّ دين النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) متممّ الأديان ومكمل الأخلاق ، وشريعته خاتمة الشرائع ، ولأجله أحلّ كلّ فعل طيّب وحرّم كلّ فعل خبيث ، ولا ارتباط لها بالذوات الطيّبة والخبيثة بوجه ، لعدم انسجام ذلك مع سياق الآية المباركة حسبما عرفت. فلا دليل على حرمة أكل الخبيث ، أي ما ينفر عنه الطبع.
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٥٧.
(٢) الأنبياء ٢١ : ٧٤.