لا شك أنّ للشيعة عقائد وآراء في مجاري الاُصول والفروع وربّما يشاركون غيرهم فيها وربّما يخالفونهم ، ولكنّها ليست من سماتهم وأعرافهم وإنّما هي اُصول وأحكام دعاهم الدليل إلى تبنّيها من الكتاب والسنّة والعقل.
مثلا إنّ الشيعة تقول باتّحاد الصفات الذاتية للّه سبحانه معها ، وكونه سبحانه غير مرئي في الدارين ، وأنّ كلامه مخلوق له ، وأنّه لا يكلّف ما لا يطاق ، وأنّ حقيقة الأمر في أفعال العباد لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ، وأنّ الأنبياء معصومون إلى غير ذلك من الآراء ، ولكنّها آراء كلامية للشيعة لا أنّها المقوّم للتشيّع بحيث لو خالف فيها رجل منهم ، ولكنّه قال بالوصاية لعلي وبالقدوة لعترته ، لخرج عن اطار التشيّع واُصوله.
إنّ التشيّع بهذا المعنى عبارة عن الاعتقاد باستمرار القيادة الإسلامية في قالب الوصاية لعلي وعترته ، والشيعة تدّعي أنّ هذه الفكرة غرست بيد النبي في أيّام حياته ، وتبنّاها لفيف من المهاجرين في عصره ، وبقوا عليها بعد حياته واقتدى بهم لفيف من التابعين لهم بإحسان وتواصل الاعتقاد به من تلك العصور إلى زماننا الحاضر ، وهذا هو الّذي تدّعيه الشيعة وعليه بُني صرح التشيّع ونحن في غنى عن الاتيان بنصوص أعلامهم وأكابرهم في المقام التي تدل على أنّ الوصاية للإمام بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فالأولى طرح الموضوع على بساط البحث وعرضه على المرتكزات العقلية ، ولأجل تسليط الضوء على المسائل المهمة نبحث عن الجهات التالية وكل واحدة منها في فصل خاص بها :
١ ـ في تبيين متطلّبات الظروف في عصر النبي ، فهل كانت تقتضي أن تكون صيغة الحكم هي التنصيص أو كانت تقتضي تفويض الأمر إلى اختيار الاُمّة لتنتخب الحاكم والقائد عليها؟
٢ ـ ما هو المرتكز في الأذهان في عصر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده في أمر القيادة؟