من المسلمين بتحريض السبأيين ، وقدومهم إلى المدينة وحصرهم عثمان في داره ، حتّى قتل فيها ، كل ذلك كان بقيادة السبأيين ومباشرتهم ».
إنّ المسلمين بعدما بايعوا عليّاً ، ونكث طلحة والزبير بيعته ، وخرجا إلى البصرة رأى السبأيون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون ، وأنّه إن تمّ ذلك سيؤخذون بدم عثمان ، فاجتمعوا ليلا وقرّروا أن يندسّوا بين الجيشين ويثيروا الحرب بكرة دون علم غيرهم ، وانّهم استطاعوا أن ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان ، فناوش المندسّون من السبأيين في جيش علي من كان بازائهم من جيش البصرة ففزع الجيشان وفزع رؤسائهما ، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً ، ثمّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق ، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم.
إلى هنا انتهت قصة السبأية ، ولا يذكر منهم شيء بعد ذلك في التواريخ هذا هو الذي يذكره الطبري في تاريخه ، ويقول :
فيما كتب به إلى السرى ، عن شعيب ، عن سيف ، عن عطية ، عن يزيد الفقعسي قال : كان عبداللّه بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء اُمّه سوداء ، فأسلم زمان عثمان ، ثمّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول اضلالهم فبدأ بالحجاز ، ثمّ البصرة ، ثمّ الكوفة ، ثمّ الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام ، فأخرجوه حتّى أتى مصر فاعتمر فيهم ، فقال لهم فيما يقول : لعجب فمن يزعم أنّ عيسى يرجع ويكذب بأنّ محمّداً يرجع ، وقد قال اللّه عزّوجلّ : ( إنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعاد ) (١) ، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى قال : فَقُبِل ذلك عنه ، ووضع لهم الرجعة فتكلّموا فيها ، ثمّ قال لهم بعد ذلك : إنّه كان ألف نبي ولكل نبي وصي ،
__________________
١ ـ القصص / ٨٥.