نعم إنّ احتكاك المسلمين مع ألأجانب واستيراد آرائهم وعقائدهم في المسائل الكلاميةو الدينية أوجد فروعاً كلامية ، وبما أنّ الشيعة حسب حديث الثقلين رجعوا إلى أئمّة أهل البيت فصاروا فرقة كلامية متشعّبة الأفنان ، ضاربة جذورها في الكتاب والسنّة والعقل.
الآن حصحص الحق وأسفر الصبح لذي عينين فليس التشيّع ظاهرة طارئة على الإسلام ، وإنّما هو نفس الإسلام في إطار ثبوت القيادة لعلي بعد رحلة النبي بتنصيصه. وتبنّاه منذ بعثة النبي الأكرم لفائف من الصحابة والتابعين وامتدّ حسب الأجيال والقرون وظهر بفضل التمسّك بالثقلين علماء مجاهدون ، وشعراء مجاهرون ، وعباقرة في الحديث ، والفقه والتفسير والفلسفة والكلام واللغة والأدب ، وشاركوا جميع السملين في بناء الحضارة الاسلامية بجوانبها المختلفة ، يتّفقون مع جميع الفرق في أكثر الاُصول والفروع وإن اختلفوا معهم في بعضها كاختلاف بعض الفرق مع بعضها الآخر. وسيوافيك تفصيل عقائدهم في الفصل العاشر باذن اللّه.
وبذلك يظهر وهن ما ذهب إليه الدكتور عبد العزيز الدوري من أنّ التشيّع باعتباره عقيدة روحية ظهر في عصر النبي وباعتباره حزباً سياسياً قد حدث بعد قتل عليّ (١).
هذه الفروض الوهمية تبتنى على أساس باطل وهو أنّ التشيّع بجميع أو بعض أبعاده أمر طارىء على الاسلام والاُمّة ، فراحوا يتبنّون الفروض الذهنيّة.
__________________
١ ـ لاحظ الصلة بين التصوّف والتشيّع ١٨.