وارتفعت الاصوات حتى تخوّفت الاختلاف ، فقلت : ابسط يديك يا أبابكر ، فبسط يده ، فبايعته ، ثم بايعه المهاجرون ، ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة ، فقلت : قتل اللّه سعد بن عبادة » (١).
إنّ الشورى الاسلامية حسب ما توحي كلمتها السامية ، لا تنعقد إلا بدراسة الموضوع دراسة موضوعية واقعية ، وأن تكون هناك حرّية في الرأي والنظر. ونزاهة في الكلام ، ويقوم مندوب كل جماعة بإدلاء رأية بدليل وبرهان ، وربّما تتطلّب دراسة مثل ذلك الموضوع الحيوي عقد مجالس متعدّدة حتى يصل من خلالها المسلمون إلى ألامثل فالأمثل في موضوع القيادة ، وأمّا المجلس الذي تسل فيه السيوف على المخالف ، ويداس المقابل بالأقدام ، فهذا أشبه ، بميدان الحرب والقتال لا المفاهمة والمشاورة ، بل أشبه ...
هذا حال السقيفة وأما ما جرى بعد السقيفة فحدّث عنه ولا حرج ، فقد خرج الخليفة من السقيفة مع من بايعوه فلم يلاقوا أحداً في الطريق إلا وضعوا يده على يد الخليفة بيعة له.
ثمّ إنّ علياً وجماعة معه كانوا متخلّفين عن البيعة ، ولمّا كان تخلّفه ومن معه من أصحابه اخلالاً بالبيعة ، بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى بيت علي وفاطمة ، ليتهدّدوا اللائذين به ، الممتنعين عن مبايعته ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، وأتى عمر إلى بيت فاطمه وهو يقول : واللّه لنحرقنّ عليك أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فقالت فاطمة لمّا سمعت ذلك صائحة منادية : « يا أبت يا رسول اللّه ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة » (٢).
__________________
١ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٦٦٠.
٢ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٢١٠ ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ١٣.