ثمّ بعد هنّ وهنات اُخرج الأمام من بيته ، وقادوه إلى البيعة كما يقاد البعير المخشوش ، وسيق سوقاً عنيفاً ، وقالوا له : بايع ، فيقول : « إن أنا لم أفعل فمه؟ » فيقال : واللّه الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ، فقال علي : « إذن تقتلون عبد اللّه وأخا رسول اللّه » (١).
ولم يكن الضغط منحصراً في علي ، بل لمّا سمع الزبير ما جرى في السقيفّة سلّ سيفه وقال : لا أغمده حتى يبايع علي ، فيقول عمر : عليكم الكلب ، فيؤخذ سيفه من يده ، ويضرب به الحجر فيكسر (٢).
هذه صورة اجمالية وضعناها أمام القارئ ليقف على مدى صحّة الشورى التي بنيت عليها خلافة الخليفة الأوّل ، ثمّ هو عقد الخلافة بنفسه لعمر من دون أي مشاورة للمسلمين (٣) كما فوّض الثاني أمر الخلافة إلى ستّة وقد استبدّ في تعيينهم من دون مشورة ، وليس هذا شيئاً ينكر أو يشك فيه (٤).
وقد بلغت فضاحة الأمر في السقيفة إلى حدّ يصفه عمر بقوله : كانت بيعة أبي بكر فلتة كفلتة الجاهلية وقى اللّه المسلمين شرّها. أو قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة فتمّت ، وانّها قد كانت كذلك إلا أنّ اللّه قد وقى شرّها ، فمن بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين ، فانّه لا بيعة له (٥).
__________________
١ ـ الامامة والسياسة ١ / ١٣.
٢ ـ تاريخ الطبري ٣ / ١٩٩ ، الامامة والسياسة ١ / ١١.
٣ ـ سيأتي مصدره.
٤ ـ سيأتي مصدره.
٥ ـ السيرة النبوية ٢ / ٦٥٨ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٤٦.