والكراميّة والظاهريّة والأشعريّة كلّها فرق نتجت عن البحث الكلامي وصقلها الجدل عبر القرون ، فلا تجد لهذه الفرق سنداً متّصلا بالنبيّ الأكرم.
وأمّا عقائد الشيعة الإماميّة ، فليست حصيلة الاحتكاك بالثقافات الأجنبيّة ولا ما أنتجته البحوث الكلاميّة طوال القرون ، وإنّما هي عقائد مأخوذة من الذكر الحكيم أوّلا ، والسنّة النبويّة ثانياً ، وخطب الامام علي وكلمات العترة الطاهرة المأخوذة من النبيّ الأكرم ثالثاً. فلأجل ذلك يحدّد تاريخ عقائدهم بتاريخ الإسلام وحياة أئمّتهم الطاهرين.
وهذا لا يعني أنّ الشيعة تتعبّد بالنصوص في اُوصلها من دون تحليل وتفكير ، بل يعني أنّ اُصول العقائد الواردة في المصادر المذكورة ، أخذها علماؤهم منها ، وحرّروها بأوضح الوجوه ، ودعموها بالبرهنة ، نعم لا يعتمدون في مجال العقيدة على آحاد الروايات بل يشترط فيها أن تكون متواترة ، أو محفوفة بالقرائن المفيدة للعلم واليقين ، إذ ليس المطلوب في باب الاعتقاد مجرّد العمل ، بل المطلوب هو الاذعان والإيمان ولا يحصل بآحاد الروايات.
وهنا نكتة جديرة بالتنبيه ، وهي أنّ قوام التشيّع عبارة عن الاعتقاد بأنّ الإمام عليّاً منصوص عليه بالوصاية على لسان النبيّ الأكرم ، وأنّه وعترته الطاهرة هم المرجع الوحيد بعد الذكر الحكيم. هذا هو العنصر المقوّم للتشيّع وأمّا سائر الاُصول فإنّها عقائد اسلامية لا تتّصل بالتشيّع دون غيرهم.
وها نحن نذكر قصاصات من عقائد الشيعة الامامية ، الواردة في أحاديث أئمّتهم تارة ، وكلمات علمائهم الأقدمين ثانياً ، حتّى يقف القارئ على جذور تلك العقائد وأنّها مأخوذة عن أئمّتهم الطاهرين ، وفي مقدّمتهم خطب الامام علي عليهالسلام.