على تقديس الحاكم ، لهذا أطلق عليها العرب النزعة الكسروية ، ولا أعرف أحداً من العرب قال ذلك في حدود اطلاعي ، ولعلّ غالبية الشيعة كانت ترمي من وراء هذه الفكرة إلى تنزيه علي من الخطأ حتى يتّضح للملأ عدوان بني أمية في اغتصاب الخلافة. هذا وفي اليهودية كثير من المذاهب التي تسرَّبت إلى الشيعة (١).
هب انّ عصمة الامام تسرّبت إلى الشيعة من الطريق الذي أشار إليه الكاتب فمن أين تسرّبت عصمة النبي التي يقول بها أهل السنّة جميعاً في التبليغ وبيان الشريعة ، فهل هذه الفكرة تسربّت إلى أهل السنّة من اليهود.
لا واللّه إنّها عقيدة اسلامية واقتبسها القوم من الكتاب والسنّة من دون أخذ من اليهود والفرس ، فما ذكره الكاتب تخرُّص على الغيب ، بل فرية واضحة.
إنّ الاختلاف في لزوم توصيف الامام وعدمه ، ينشأ من الاختلاف في تفسير الامامة بعد الرسول وماهيتها وحقيقتها فمن تلقّى الامامة ـ بعد الرسول ـ بأنّها مقام عرفي لتأمين السبل ، وتعمير البلاد واجراء الحدود ، فشأنه شأن سائر الحكّام العرفيين. وأمّا من رأى الامامة بأنّها استمرار لتحقيق وظيفة الرسالة وأنّ الامام ليس بنبيّ ولا يوحى إليه ، لكنّه مكلّف بملء الفراغات الحاصلة برحلة النبي ، فلا محيص له عن الالتزام بها ، لأنّ الغاية المنشودة لا تحصل بلا تسديد إلهي كما سيوافيك ، نعم إنّ أهل السنّة يتحرَّجون من توصيف الامام بالعصمة ويتخيِّلون أنّ ذلك يلازم النبوّة وما هذا إلا أنّهم لا يفرّقون بين الإمامتين ولكل معطياته والتفصيل موكول إلى محلّه.
__________________
١ ـ الدكتور نبيه حجاب : مظاهر الشعوبية في الأدب العربي ٤٩٢ ، كما في هوية التشيع ١٦٦.