شيء لم يعلمه أمس ، فابرأ وامنه » (١) إلى غير ذلك من الروايات التي تدل على إحاطة علمه بكل شيء قبل خلقه وحينه وبعده وانّه لا يخفى عليه شيء أبداً.
وأمّا العقل فقد دلّ على تنزّهه من وصمة الحدوث والتغيير ، وانّه تقدّست أسماؤه ، أعلى من أن يقع معرضاً للحوادث والتغييرات ، ولأجل ذلك ذهبوا إلى امتناع البداء عليه بمعنى الظهور بعد الخفاء والعلم بعد الجهل ، لاستلزامه كون ذاته محلاّ للتغير والتبدل ، المستلزم للتركيب والحدوث ، إلى غير ذلك ممّا يستحيل عليه سبحانه.
فالآيات وكذلك الأحاديث المروية عن أئمّة الشيعة عليهمالسلام تشهد على علمه الذي لا يشوبه جهل ، وعلى سعته لكل شيء قبل الخلق وبعده ، وأنّه يستحيل عليه الظهور بعد الخفاء ، والعلم بعد الجهل.
وعليه فمن نسب إلى الشيعة الإمامية ما يستشم منه خلاف ما دلّت عليه الآيات والأحاديث فقد افترى كذباً ينشأ من الجهل بعقائد الشيعة ، أو التزلّف إلى حكّام الوقت الحاقدين لهم أو التعصّب المقيت.
وبذلك يعلم بطلان ما قاله الرازي في تفسيره عند البحث عن آية المحو والاثبات حيث يقول : قالت الرافضة : البداء جائز على اللّه تعالى وهو أن يعتقد شيئاً ثم يظهر له أنّ الأمر بخلاف ما اعتقده ، وتمسّكوا فيه بقوله ( يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت ) : ثمّ قال : إنّ هذا باطل لأنّ علم اللّه من لوازم ذاته المخصوصة وما كان كذلك ، كان دخول التغيّر والتبدّل فيه باطلاً (٢).
وما حكاه الرازي عن « الرافضة » كاشف عن جهله بعقيدة الشيعة وإنّما سمعه
__________________
١ ـ البحار ٤ / ١١١ باب البداء ، الحديث ٣٠ ، والبرهان ٢ / ٣٠٠ حديث ٢١.
٢ ـ تفسير الرازي ٤ / ٢١٦ تفسير سورة الرعد.