المهاجرين والذين اتّبعوهم بإحسان (١) يغبط هؤلاء ويتمنّى من صميم قلبه أن يكون أحدهم. ويدرك شأنهم ، ومن استمع للآيات النازلة في المبايعين تحت الشجرة (٢) أو أصحاب سورة الفتح (٣) فاضت عيناه دموعاً من الشوق إلى هؤلاء الذين ركبوا الطريق ، ومضوا ، وتعاقدوا على المنيّة.
فإذا كان هذا حال الصحابة في الذكر الحكيم فكيف يتجرّأ مسلم على تكفير الصحابة ورميهم بالردّة والزندقة أو تفسيقهم جميعاً. ( سبحانك هذا بهتان عظيم ).
وكيف يستطيع أن يصوّر دعوة النبي ضئيلة الفائدة أو يتهمه بعدم النجاح في هداية قومة وارشاد اُمّته وانّه لم يؤمن به إلاّ شرذمة قليلة لا يتجاوزون عدد الأصابع وانّ ما سواهم كانوا بين منافق ستر كفره بالتظاهر بالايمان ، أو مرتدّ على أدباره القهقرى بعد رحلة النبيّ الأكرم.
كيف يجوز لمسلم أن يصف دعوته ويقول : انّه لم يهتد ولم يثبت على الإسلام بعد مرور (٢٣) عاماً من الدعوة إلاّ ثلاثة أو سبعة أو عشرة. وأي شيعي واع ادّعى ذلك؟ ومتى قال؟ وأين ذكره؟ إن هو إلاّ جزء من الدعايات الفارغة ضدّ الشيعة أثارها الأمويّون في أعصارهم ، ليسقطوا الشيعة من عيون المسلمين وتلقّفتها أقلام المستأجرين لتمزيق الوحدة الإسلامية وفصم عرى الاخوّة. وترى تلك الفرية في هذه الأيام في كتيّب نشره الكاتب أبو الحسن الندوي أسماه بـ « صورتان متعارضتان ». وهو يجترّ ذلك مرّة بعد اُخرى يجتره صنائع الوهابية في المنطقة.
نعم وردت روايات في ذلك ولكنّها لا تكون مصدراً للعقيدة ولا تتّخذ مقياساً
__________________
١ ـ التوبة : ١٠٠ : ( والذين اتبعوهم بإحسان ... ).
٢ ـ الفتح : ١٨ : ( لقد رضى اللّه عن المؤمنين ... ).
٣ ـ الفتح : ٢٩ : ( محمّد رسول اللّه والذين معه ... ).