وكان ينحل فلمّا مات وجدوه يعول مائة من أهل بيت المدينة. وفي رواية لا يدرون من يأتيهم بالرزق لأنّه كان يبعث به إليهم في الليل فلمّا مات علي فقدوه ، وفي رواية كان يحمل جراب الخُبز على ظهره بالليل فيتصدّق به ويقول : صدقة السر تطفئ غضب الرب ، وفي رواية كان أهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتّى مات علي بن الحسين عليهالسلام (١).
وقال رجل لسعيد بن المسيب : ما رأيت رجلاً أورع من فلان ـ وسمّى رجلا ـ فقال له سعيد : أما رأيت علي بن الحسين؟ فقال : لا ، فقال : ما رايت أورع منه.
وقال الزهري : لم أر هاشمياً أفضل من علي بن الحسين عليهالسلام.
وقال أبو حازم كذلك أيضا : ما رأيت هاشمياً افضل من علي بن الحسين.
وقال طاووس : رأيت علي بن الحسين عليهماالسلام ساجداً في الحجر فقلت : رجل صالح من أهل بيت طيب لأسمعن ما يقول ، فأصغيت إليه فسمعته يقول : عبدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، سائلك بفنائك ، فقيرك بفنائك ، فواللّه ما دعوت بهنّ في كرب إلاّ كشف عنّي.
وكان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة ، فإذا أصبح سقط مغشياً عليه ، وكانت الريح تميله كالسنبلة ، وكان يوماً خارجا فلقيه رجل فسبّه فثارت إليه العبيد والموالي فقال لهم علي : مهلا كفّوا ، ثمّ أقبل على ذلك الرجل فقال له : ما ستر عنك من أمرنا أكثر ، ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحى الرجل فألقى إليه علي خميصة كانت عليه ، وأمر له بألف درهم فكان ذلك الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنك من أولاد الرسل (٢).
__________________
١ ـ تذكرة الخواص ٢٩٤.
٢ ـ كشف الغمّة ٢ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.