ولوأردنا استقصاء مصادر الحديث ومسانيده ورواته من الصحابة والتابعين والعلماء لأحوجنا ذلك إلى تأليف مفرد ، وقد قام بحمد اللّه أعلام العصر ومحقّقوه بذلك المجهود (١).
والمهم هودلالة الحديث على الولاية العامّة والخلافة الكبرى لعلي بعد الرسول ، ويكفي في ذلك التدبّر في الاُمور التالية :
١ ـ إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في خطبته : « أنا أولى بهم من أنفسهم ـ ثمّ قال : ـ فمن كنت مولاه » وهذا قرينة لفظية على أنّ المراد من المولى هوالأولى ، فالمعنى أنّ اللّه أولى بي من نفسي ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومن كنت أولى به من نفسه ، فعلي أولى به من نفسه. وهذا هومعنى الولاية الكبرى للإمام.
٢ ـ ذيل الحديث وهوقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » وفي بعض الطرق « وانصر من نصره واخذل من خذله » فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نصّبه إماماً على الاُمّة بعده ، كان يعلم أنّ تطبيق هذا الأمر رهن توفّر الجنود والأعوان وطاعة أصحاب الولايات والعمّال ، مع علمه بأنّ في الملأ من يحسده وفيهم من يحقد عليه ، وفي زمرة المنافقين من يضمر له العداء ، فعاد يدعولمن والاه ونصره ، وعلى من عاداه وخذله ، ليتمّ أمر الخلافة ، ولِيُعْلم الناس أنّ موالاته موالاة لله وأنّ عداءه عداؤه ، والحاصل أنّ هذا الدعاء لا يناسب إلا من نصب زعيماً للإمامة والخلافة.
٣ ـ إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أصدر كلامه بأخذ الشهادة من الحضّار بأن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه ، ثمّ قال : إنّ اللّه مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا
__________________
١ ـ العبقات للسيد مير حامد حسين ( ت ١٣٠٦ ) ، والغدير للعلامة الفذ عبد الحسين الأميني ( ت ١٣٩٠ ) ، وكلاهما من حسنات الدهر.