شرع علماء الإسلام في التدوين سنة ٥٣ (١).
إنّ الحيلولة بين السنّة وتدوينها ونشرها أدّت إلى نتائج سلبية عظيمة منها قصور ما وصل إلى الفقهاء في ذلك العصر صحيحاً من الرسول ، عن تلبية متطلّباتهم في مجال الأحكام. حتّى اشتهر عن امام الحنفية أنّه لم يثبت عنده من أحاديث الرسول في مجال التشريع إلاّ سبعة عشر حديثا.
نحن لا نوافق مع ما حكي عن النعمان ولكن نؤكّد على شيء وآخر ، وهو أنّ ما ورد في مجموع الصحاح والمسانيد والسنن الأعم من الصحيح والضعيف في مجال الأحكام الشرعية ، لا يتجاوز ٥٠٠ حديثاً ، قال السيد محمّد رشيد رضا : إنّ أحاديث الأحكام الاُصول لا تتجاوز ٥٠٠ حديثاً تمدّها أربعة آلاف فيما أذكر (٢).
ويقول أيضاً في تفسيره : يقولون انّ مصدر القوانين ، الاُمة ، ونحن نقول بذلك ، في غير المنصوص في الكتاب والسنّة. كما قرّره الامام الرازي والمنصوص قليل جدّاً (٣).
وما ذكره من قضية الامداد ، يوحي إلى الموقوفات عن الصحابة من دون أن يثبت صدورها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذه الموقوفات تعرب عن اجتهادات الصحابة في المسألة. ومن المعلوم انّ قول الصحابي لا يكون حجّة إلاّ إذا نسبه إلى الرسول.
هذا وأنّ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى ٨٥٢ جمع كل ما ورد في
__________________
١ ـ جلال الدين السيوطي : تاريخ الخلفاء ٢٦١.
٢ ـ الوحي المحمّدي ، الطبعة السادسة ٢١٢ ، نعم أنهاه ابن حجر في كتابه « بلوغ المرام » إلى ١٥٩٦ لكن كثيراً منها لا يتضمّن حكماً شرعياً وانّما هي أحاديث أخلاقية وغيرها فلاحظ.
٣ ـ المنار ٥ / ١٨٩.