فصارت مشاهد أهل البيت فيها معمورة بالزائرين والمجاورين ، وكانت المآتم تقام في حواضرها واتّخذت الشيعة مشاهد أئمّتهم ، حوزات علمية ومعاهد فكرية ، فازدهر العراق بعمالقة الفكر ، وأساتذة الفقه وأساطين الكلام ، وأعان على نشر التشيّع ونموّه في العراق نشوء دول وإمارات للشيعة في القرن الرابع وما بعده.
يقول الشيخ المظفر : وساعد على نمو التشيّع وانتشاره في العراق ، أن تكوّنت من الشيعة فيه سلطنات دول وإمارات كسلطنة آل بويه ، وامارة بني مزيد في الحلّة والنيل ، وبني شاهين في البطائح ، وبني حمدان وآل المسيّب في الموصل ، ونصيبين ، وكدولة بعض المغول أمثال محمّد خدابنده وابنه أبي سعيد ، وأمّا محمود غازان فقد قيل بتشيّعه وهناك امارات عليه إلاّ أنّه لم يصارح به ، وكدولة الجلائرية التي أسّسها الشيخ حسن الجلائري أحد قواد المغول وابن اُخت محمود غازان ومحمّد خدابنده ، وكانت بغداد عاصمة ملكه ، وكالدولة الصفوية التي ناصرت التشيّع ونشرته في البلاد بشتّى الطرق ، فكانّما هي دولة دينية تأسّست لنشر مذهب أهل البيت.
وأيّد مذهب التشيّع أيضاً أن انعقدت عدّة وزارات من رجاله فقد استوزر السفاح أوّل ملوك بني العباس : ابا سلمة الخلال الكوفي الهمداني داعية أهل البيت وقتله على التشيّع. واستوزر المنصور : محمّد بن الأشعث الخزاعي. واستوزر المهدي : أبا عبداللّه يعقوب بن داود وحبسه لتشيّعه. واستوزر الرشيد : علي بن يقطين ، وجعفر بن الأشعث الخزاعي. والمأمون : الفضل بن سهل ذا الرياستين لجمعه بين القلم والسيف وقتله عند ما أحسّ بميله إلى الرضا عليهالسلام. واستوزر من بعده أخاه الحسن بن سهل. واستوزر المعتزّ والمهتدي : أبا الفضل جعفر بن محمود الاسكافي. واستوزر المقتدى : أبا شجاع ظهر الدين محمّد بن الحسين الهمداني وعزله لتشيّعه. واستوزر المستظهر : أبا المعالي هبة الدين بن محمّد بن المطلب