التشيّع عراقيّ النشوء والنموّ :
قد عرفت أنّه لمّا غادر الامام المدينة المنوّرة متوجّهاً إلى العراق واستوطن الكوفة هاجر كثير من شيعته معه واستوطنوا العراق ، فصار ذلك أقوى سبب لنشوء التشيّع ونموّه ، في العراق ولا سيما في الكوفة ، فصارت معقل الشيعة ، ولمّا قضى الامام نحبه حاولت السلطة الاموية وعمّالها استئصال التشيّع منها بأبشع صورة مذكورة في التاريخ.
بالرغم من أنّ العراق وأخص منه الكوفة كان علوي النزعة هاشمي الولاء ، إلاّ أنّ الحسين ، ابن الإمام قتل بسيف الكوفيين ، وسقط عطشاناً وحوله أجساد أبنائه وأبناء أخيه وأصحابه ولكن ذلك لا يدل على انسلاخهم عن التشيّع لأنّ الشيعة يوم ذاك كانوا بين مسجون في زنزانات الامويين ، ومرعوب فاقد للتصميم والحميّة وخاذل ، ومنتظر لما تؤول إليه الاُمور ، وناصر التحق بالحسين في اُحلك الظروف.
هؤلاء هم الشيعة.
وأمّا الذين شاركوا في قتل الحسين فلم يكونوا من الشيعة أبداً بل كانوا أتباع الامويين والمنضوين تحت راياتهم. ولمّا قتل الحسين أثار قتله أعمق الأشجان وأعنف العواطف في الشيعة وبعد اطلاق سراح المسجونين قاموا بجد وحماس بأخذ الثأر بقيادة المختار ، باكين ليلاً ونهاراً على ما أصاب الحسين من مصيبة.
وقد حاول الامويون جعل العراق أموياً ، وبذلوا جهودهم ، لكن عادت الجهود فاشلة فهي إلى اليوم هاشمي وعلوي وحتّى أنّ دعوة العباسيين نجحت في بداية الأمر في العراق فى ظل طلب ثأر الحسين وأهل بيته وكانت الدعوة للرضا من آل محمّد.
تبلور التشيّع بعد حادثة الطف بقليل واتّسع نطاقه وصار العراق مركزه ، وكانت القوافل من أنحاء العراق وغيرها تؤمّ قبر الحسين عليهالسلام وأصحابه ،