قويت شوكة التشيّع في سوريا حين ما قامت دولة الحمدانيين في الشام والجزيرة فلسيف الدولة أيدي بيضاء في رفع منارة التشيع ، كيف وأبو فراس صاحب القصيدة الميمية هو ابن عمّه الذي يقول :
الحق مهتضم والدين مخترم |
|
وفيء آل رسول اللّه مقتسم |
وأمّا جبل عامل فقد انتشر فيه التشيّع منذ دخل إلى الشام ، وقد خرج منها علماء طبقوا البلاد شهرة وصيتاً أخص منهم بالذكر :
١ ـ محمّد بن مكي المعروف بالشهيد الأوّل ( ٧٣٤ ـ ٧٨٦ ) وكان إماماً في الفقه ولكنّه صلب بيد الجور ، ثمّ رجم ، ثمّ اُحرق ، بذنب أنّه شيعيّ موال لأهل البيت ولا يفتي بفتوى أئمّة المذاهب الأربعة.
وله كتب فقهية أشهرها اللمعة الدمشقية ألّفها في السجن خلال اسبوع ولم يكن عنده من الكتب الفقهية سوى المختصر النافع للمحقّق الحلّي ( ٦٠٠ ـ ٦٧٦ ).
٢ ـ زين الدين بن علي الجبعي ( ٩١١ ـ ٩٦٦ ) صاحب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية والمسالك في شرح الشرائع الذي يتضمّن مجموع الكتب الفقهية مع ذكر المستند والدليل. وهو قدس اللّه سرّه استشهد قرب شاطئ البحر وفصل رأسه عن جسده واُرسل إلى السلطان. ولا ذنب له إلاّ كذنب الشهيد الأوّل.
ولعمري الحق أنّ هذه المواقف من الحكومات السنّية عبر القرون ، تقشعرّ منها الجلود ، ويندى منها جبين الإنسانية ويرفضها الدين والعقل فأين الكرامة والحرّية؟ أين السماحة ، والرأفة؟
أقول : إذا كان هذا مصير الشيعة مع كونهم سائرين خلف حُجب التقية ، فما ظنّك لو لم يتّخذوا من التقيّة ستارا؟
ولقد خرج من جبل عامل وراء هذين الشخصين علماء كبار ، فقهاء عظام ولم يزل منار التشيّع مرتفعاً ولواؤه خفّاقاً بهم ، ولقد تحمّلوا عبر القرون وخصوصاً في