لقد ظهرت الحقيقة بأجلى صورها وثبت أنّ الرسول لم يرحل عن أُمّته إلاّ بعد أن نصّب علياً للخلافة والقيادة ، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه وهو أنّه لو كان الحق كما نطقت به النصوص كتاباً وسنّة ، فلماذا أعرض الجمهور عن ما اُمروا أن يتمسّكوا به؟ وهذه هي الشبهة المهمّة في الباب وهذا هو السؤال الذي ترك العقول متحيرة تبحث عن جواب مقنع ، وقد اعتمد على ذلك بعض المنصفين من أهل السنّة في ردّه لمذهب أهل البيت عليهمالسلام ، فقال : اُنظر إلى جمهور أهل القبلة والسواد الأعظم من ممثّلي هذه الملّة فإذا هم مع أهل البيت على خلاف ما توجبه ظواهر تلك الأدلّة ، فانا اُؤامر منّي نفسين ، نفساً تنزع إلى متابعة الأدلّة واُخرى تفزع إلى الأكثرية من أهل القبلة (١).
والاجابة عن الشبهة سهلة لمن راجع التاريخ وسيرة الصحابة في عصر الرسول وبعده. فإنّ القرآن الكريم رغم أمره باتباع الرسول وعدم التقدّم عليه (٢) ، ورغم أمره
__________________
١ ـ من كلام شيخ الأزهر الشيخ سيلم البشري في رسالته إلى السيد شرف الدين ، لاحظ المراجعات ص ٢٥ ، رقم المراجعة ١١.
٢ ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاتُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ـ الحجرات