أبي هريرة مرفوعاً : «استماع الملاهي معصية ، والجلوس عليها فسق ، والتلذّذ بها كفر». نيل الأوطار(١) (٨ / ٢٦٤).
وعن إبراهيم بن مسعود : الغناء باطل والباطل في النار. وعنه : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. وعنه : إذا ركب الرجل الدابّة ولم يسمّ ردفه شيطان فقال : تغنّه. فإن كان لا يحسن قال : تمنّه (٢).
ومرّ ابن عمر رضى الله عنه بقوم محرمين وفيهم رجل يغنّي ، قال : ألا لا سمع الله لكم. ومرّ بجارية صغيرة تغنّي فقال : لو ترك الشيطان أحداً لترك هذه.
وقال الضحّاك : الغناء منفدة للمال ، مسخطة للربّ ، مفسدة للقلب.
وقال يزيد بن الوليد الناقص : يا بني أُميّة إيّاكم والغناء فإنّه ينقص الحياء ، ويزيد في الشهوة ، ويهدم المروءة ، وأنّه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل السكر ، فإن كنتم لا بدّ فاعلين فجنّبوه النساء فإنّ الغناء داعية الزنا.
وفيما كتب عمر بن عبد العزيز إلى سهل مولاه : بلغني عن الثقات من حملة العلم أنّ حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ، ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت الماء العشب.
وقيل : الغناء جاسوس القلب ، وسارق المروءة والعقول ، يتغلغل في سويداء القلوب ، ويطّلع على سرائر الأفئدة ، ويدبّ إلى بيت التخييل ، فينشر ما غرز فيها الهوى والشهوة والسخافة والرعونة ، فبينما ترى الرجل وعليه سمت الوقار ، وبهاء العقل ، وبهجة الإيمان ، ووقار العلم ، كلامه حكمة ، وسكوته عبرة ، فإذا سمع الغناء نقص عقله وحياؤه ، وذهبت مروءته وبهاؤه ، فيستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه ، ويبدي من أسراره ما كان يكتمه ، وينتقل من بهاء السكوت والسكون إلى
__________________
(١) نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.
(٢) الهاء في تغنّه وتمنّه للسكت وليست ضميراً.