فأخبرته الخبر ، ثمّ ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته (١).
قال الماوردي في أعلام النبوّة (٢) (١٤٠) : هذه أحوال عصمته قبل الرسالة ، وصدّه عن دنس الجهالة ، فاقتضى أن يكون بعد الرسالة أعظم ، ومن الأدناس أسلم ، وكفى بهذه الحال أن يكون من الأصفياء الخيرة إن أمهل ، ومن الأتقياء البررة إن أغفل ، ومن أكبر الأنبياء عند الله تعالى من أرسل مستخلص الفطرة ، عليّ النظرة ، وقد أرسله الله تعالى بعد الاستخلاص ، وطهّره من الأدناس ، فانتفت عنه تهم الظنون ، وسلم من ازدراء العيون ، ليكون الناس إلى إجابته أسرع ، وإلى الانقياد له أطوع. انتهى.
وإليّ نسائل ذلك الحكيم المتأوّل الذي مرّ كلامه (ص ٦٥) عن أنّه كيف خصّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوّة ، وأبا بكر بالرحمة ، وعمر بالحقّ ، وحسب أنّه فتح باباً مُرتجاً من المعضلات ، أو أتى بقرني حمار ، أيّ نبوّة تفارق الحقّ؟ وأيّ نبيّ هو أوضع من صاحب الحقّ؟ وأيّ حقٍّ اقتناه عمر لنفسه وعزب عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عرفانه؟
وهلمّ معي إلى طامّة أُخرى من الزركشي في الإجابة (٣) (ص ٦٧) ، الذي عدّ فيها من خصائص عائشة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتبع رضاها كلعبها باللعب ، ووقوفه في وجهها لتنظر إلى الحبشة يلعبون. فقال : واستنبط العلماء من ذلك أحكاماً كثيرة فما أعظم بركتها! انتهى.
__________________
(١) دلائل النبوّة لأبي نعيم : ١ / ٥٨ [١ / ٢٣٦ ح ١٢٨]. أعلام النبوّة للماوردي : ص ١٤٠ [ص ٢١١ باب ١٩]. تاريخ الطبري : ٢ / ١٩٦ [٢ / ٢٧٩] ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ١٤ [١ / ٤٧١] ، عيون الأثر لابن سيّد الناس : ١ / ٤٤ [١ / ٦٥] ، تاريخ ابن كثير : ٢ / ٢٨٧ [٢ / ٣٥٠] ، الخصائص الكبرى : ١ / ٨٨ [١ / ١٤٩] ، السيرة الحلبية : ١ / ١٣٢ [١ / ١٢٢]. (المؤلف)
(٢) أعلام النبوّة : ص ٢١٢ باب ١٩.
(٣) الإجابة : ص ٦٣ باب ١.